قوله: (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) أي: بخبر صادق. وعلم الإحاطة وهو أن يعلم الشئ من جميع جهاته التي يمكن أن يعلم عليها، تشبيها بالسور المحيط بما فيه.
وفي الكلام حذف تقديره: ثم جاء الهدهد فسأله سليمان عن سبب غيبته، فقال:
أحطت بما لم تحط به. وفي هذا دلالة على أنه يجوز أن يكون في زمن الأنبياء من يعرف ما لا يعرفونه. وسبأ: مدينة بأرض اليمن، عن قتادة. وقيل: إن الله تعالى بعث إلى سبأ اثني عشر نبيا، عن السدي. وروى علقمة بن وعلة، عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سبأ فقال: هو رجل ولد له عشرة من العرب، تيامن منهم ستة، وتشأم أربعة، فالذين تشأموا: لخم، وجذام، وغسان، وعاملة.
والذين تيامنوا: كندة، والأشعرون، والأزد، ومذحج، وحمير، وأنمار، ومن الأنمار: خثعم، وبجيلة.
(إني وجدت امرأة تملكهم) أي: تتصرف فيهم بحيث لا يعترض عليها أحد.
(وأوتيت من كل شئ) وهذا إخبار عن سعة ملكها أي: من كل شئ من الأموال، وما يحتاج إليه الملوك من زينة الدنيا، وقال الحسن: وهي بلقيس بنت شراحيل، ملكة سبأ. وقيل: شرحبيل ولدها أربعون ملكا، آخرهم أبوها [شرحبيل] (1). قال قتادة: وكان أولو مشورتها ثلاثمائة واثني عشر قيلا (2)، كل قيل منهم تحت رايته ألف مقاتل.
(ولها عرش عظيم) أي: سرير أعظم من سريرك. وكان مقدمه من ذهب، مرصع بالياقوت الأحمر، والزمرد الأخضر، ومؤخره من فضة، مكلل بألوان الجواهر، وعليه سبعة أبيات، على كل بيت باب مغلق. وعن ابن عباس، قال:
كان عرش بلقيس ثلاثين ذراعا، في ثلاثين ذراعا، وطوله في الهواء ثلاثون ذراعا.
وقال أبو مسلم: المراد بالعرش الملك. (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم) أي: عبادتهم للشمس من دون الله (فصدهم عن السبيل) أي: صرفهم عن سبيل الحق.
(فهم لا يهتدون) قال الجبائي: لم يكن الهدهد عارفا بالله تعالى، وإنما أخبر بذلك كما يخبر مراهقو صبياننا، لأنه لا تكليف إلا على الملائكة، والإنس، .