فجعلته اسم القبيلة. قال: والصرف أحب إلي، لأنه قد عرف أنه اسم أبيهم، وإن كان اسم الأب يصير كالقبيلة، إلا أني أحمله على الأصل. وقال غيره: هو اسم رجل واليمانية كلها تنسب إليه، يقولون: سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. قال الزجاج: من قال إن سبأ اسم رجل فغلط، لأن سبأ هي مدينة تعرف بمأرب من اليمن، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام: قال الشاعر:
من سبي الحامرين مأرب إذ * يبنون من دون سيله العرما فمن لم يصرف، فلأنه اسم مدينة، ومن صرفه فلأن يكون اسما للبلد. قال جرير:
الواردون، وتيم في ذرى سبأ، * قد عض أعناقهم جلد الجواميس (1) ومن قرأ (ألا يسجدوا) فالتقدير فصدهم عن السبيل لأن لا يسجدوا، على أنه مفعول له. قال أبو علي: وهذا هو الوجه لتجري القصة على سننها، ولا يفصل بين بعضها وبعض ما ليس منها، وإن كان الفصل بهذا النحو غير ممتنع، لأنه يجري مجرى الاعتراض، وكأنه لما قيل (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون) فدل هذا الكلام على أنهم لا يسجدون لله. قال: (ألا يا قوم اسجدوا لله) خلافا عليهم. ووجه دخول حرف التنبيه على الأمر: أنه موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المأمور لتأكيد ما يؤمر به عليه، كما أن النداء موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المنادى لما ينادى له من إخبار، أو أمر، أو نهي، ونحو ذلك مما يخاطب به. وإذا كان كذلك فيجوز أن لا تريد منادى في نحو قولك (ألا يسجدوا) كما لا تريد المنادى في نحو قوله:
يا لعنة الله، والأقوام كلهم، * والصالحين علن سمعان من جار (2) وكذلك ما حكي عن أبي عمرو من قوله (يا ويل له). ويجوز أن يراد بعد: يا مأمورون، فحذفوا كما حذف في قوله (يا لعنة الله). فكما أن يا ههنا لا يجوز أن يكون إلا لغير اللعنة، كذلك يجوز أن يكون المأمورون مرادين، وحذفوا من اللفظ. وقد جاء هذا في مواضع من الشعر، فمن ذلك ما أنشده أبو زيد:
.