صدره ببسم الله الرحمن الرحيم. وقيل: لحسن خطه، وجودة لفظه، وبيانه.
وقيل: لأنه كان ممن يملك الإنس، والجن، والطير. وقد كانت سمعت بخبر سليمان، فسمته كريما، لأنه من كريم رفيع الملك، عظيم الجاه.
(إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) معناه: إن الكتاب من سليمان، وإن المكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم سليمان عليه السلام. ولم تعرفه هي، ولا قومها. وقيل: إن هذا حكاية ما قالته على المعنى باللغة العربية، وإن لم تقل هي بهذا اللفظ. والحكاية على ثلاثة أوجه: حكاية على المعنى فقط، وحكاية على اللفظ فقط. ممن حكاه من غير أن يعلم معناه، وحكاية على اللفظ والمعنى، وهو الأصل في الحكاية التي لا يجوز العدول عنها إلا بقرينة وموضع.
(ألا تعلوا) يجوز أن يكون رفعا بالبدل من (كتاب)، ويجوز أن يكون نصبا على معنى بأن لا تعلوا. والصحيح أن (أن) في مثل هذا الموضع بمعنى أي على ما قاله سيبويه في نحو قوله: (وانطلق الملأ منهم أن امشوا) أي: امشوا، ومعناه لا تترفعوا، ولا تتكبروا (علي وأتوني مسلمين) أي: منقادين طائعين لأمري فيما أدعوكم. وقيل: مسلمين مؤمنين بالله تعالى، ورسوله، مخلصين في التوحيد. قال قتادة: وكذا كانت الأنبياء تكتب كتبها، موجزة مقصورة على الدعاء إلى الطاعة، من غير بسط.
* (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون [32] قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والامر إليك فانظري ماذا تأمرين [33] قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون [34] وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون [35] فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون [36] ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون [37]) *.
القراءة: قرأ حمزة، ويعقوب: (أتمدوني) بنون واحدة مشددة على الإدغام. والباقون بنونين مظهرين.