وسعيد بن جبير. وقيل: معناه بورك من في طلب النار، وهو موسى عليه السلام. فحذف المضاف، ومن حولها الملائكة أي: دامت البركة لموسى والملائكة. وهذا تحية من الله سبحانه لموسى عليه السلام بالبركة، كما حيا إبراهيم عليه السلام بالبركة على ألسنة الملائكة، حين دخلوا عليه فقالوا (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت).
ثم نزه سبحانه نفسه فقال: (وسبحان الله رب العالمين) أي: تنزيها له عما لا يليق بصفاته تعالى، عن أن يكون جسما يحتاج إلى جهة، أو عرضا يحتاج إلى محل، أو يكون ممن يتكلم بآلة. ثم أخبر سبحانه موسى عن نفسه، وتعرف إلى بصفاته، فقال: (يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم) أي: إن الذي يكلمك هو الله العزيز أي: القادر الذي لا يغالب، ولا يمتنع عليه شئ، الحكيم في أفعاله، المحكم لتدابيره. ثم أراه سبحانه آية يعلم بها صحة النداء، فقال: (وألق عصاك) وفي الكلام حذف تقديره: فألقاها، فصارت حية. (فلما رآها تهتز كأنها جان) أي: تتحرك كما يتحرك الجان، وهو الحية التي ليست بعظيمة، وإنما شبهها بالجان في خفة حركتها واهتزازها، مع أنها ثعبان في عظمها، ولذلك هاله ذلك، حتى ولى مدبرا. وقيل: إن الحالتين مختلفتان، لأن الحال التي صارت ثعبانا هي الحال التي لقي فيها فرعون، والحال التي صارت جانا هي الحال التي خاطبه الله في أول ما بعثه نبيا.
(ولى مدبرا) أي: رجع إلى ورائه (ولم يعقب) أي: لم يرجع، وكل راجع معقب. والمفسرون يقولون: لم يلتفت، ولم يقف، فقال الله سبحانه: (يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون) وهذا تسكين من الله سبحانه لموسى، ونهي له عن الخوف. يقول له: إنك مرسل، والمرسل لا يخاف، لأنه لا يفعل قبيحا، ولا يخل بواجب، فيخاف عقابي على ذلك.
* (إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم [11] وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين [12] فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين [13] وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين [14]) *.