فيه شئ، ونقص منه شئ.
(فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو) فلم تثبته، ولم تنكره. ودل ذلك على كمال عقلها، حيث لم تقل لا، إذ كان يشبه سريرها، لأنها وجدت فيه ما تعرفه، ولم تقل نعم إذ وجدت فيه ما غير وبدل، ولأنها خلفته في بيتها، وحمله في تلك المدة إلى ذلك الموضع غير داخل في قدرة البشر. قال مقاتل: عرفته، ولكن شبهوا عليها حين قالوا لها: أهكذا عرشك؟ فشبهت حين قالت: كأنه هو. ولو قيل لها: هذا عرشك. لقالت: نعم. قال عكرمة: كانت حكيمة، قالت: إن قلت هو، خشيت أن أكذب. وإن قلت لا، خشيت أن أكذب. فقالت: كأنه هو. شبهته به. فقيل لها: فإنه عرشك، فما أغنى عنك إغلاق الأبواب، وكانت قد خلفته وراء سبعة أبواب، لما خرجت.
فقالت: (وأوتينا العلم) بصحة نبوة سليمان (من قبلها) أي: من قبل الآية في العرش. (وكنا مسلمين) طائعين لأمر سليمان. وقيل: إنه من كلام سليمان، عن مجاهد. ومعناه: وأوتينا العلم بالله وقدرته على ما يشاء من قبل هذه المرة، وكنا مخلصين لله بالتوحيد. وقيل: معناه وأوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة قبل مجيئها. وقيل: إنه من كلام قوم سليمان، عن الجبائي.
(وصدها ما كانت تعبد من دون الله) أي: منعها عبادة الشمس عن الإيمان بالله تعالى، بعد رؤية تلك المعجزة، عن مجاهد. فعلى هذا تكون (ما) موصولة مرفوعة الموضع، بأنها فاعلة (صد). وقيل: معناه وصدها سليمان عما كانت تعبده من دون الله، وحال بينها وبينه، ومنعها عنه. فعلى هذا يكون (ما) في موضع النصب. وقيل: معناه منعها الإيمان والتوحيد الذي كانت تعبده من دون الله وهو الشمس. ثم استأنف فقال (إنها كانت من قوم كافرين) أي: من قوم يعبدون الشمس قد نشأت فيما بينهم، فلم تعرف إلا عبادة الشمس.
(قيل لها ادخلي الصرح) والصرح هو الموضع المنبسط المنكشف من غير سقف. وذكر أن سليمان لما أقبلت صاحبة سبأ، أمر الشياطين ببناء الصرح، وهو كهيئة السطح المنبسط، من قوارير أجرى تحته الماء، وجمع في الماء الحيتان، والضفادع، ودواب البحر. ثم وضع له فيه سرير، فجلس عليه. وقيل: إنه قصر من زجاج، كأنه الماء بياضا. وقال أبو عبيدة: كل بناء من زجاج، أو صخر، أو غير