شكر. والمعنى في " قفينا " اتبعنا بعضهم بعضا على منهاج واحد، وشريعة واحدة، لان كان من بعثه الله نبيا بعد موسى إلى زمن عيسى بن مريم (ع) فإنما بعثه بإقامة التوراة والعمل بما فيها والدعاء إلى ما فيها، فلذلك، قال: " وقفينا من بعده بالرسل " يعني على منهاجه وشريعته.
وقوله: " واتينا عيسى بن مريم البينات " أعطينا عيسى بن مريم الحجج والدلالات على نبوته من احياء الموتى وابراء الأكمه والأبرص ونحو ذلك من الآيات التي دلت على صدقه وصحة نبوته.
وقوله: " وأيدناه بروح القدس " أي قويناه واعناه. يقال منه أيدك الله، أي قواك الله. وهو رجل ذو أيد وذو اياد أي ذو قوة ومنه قول العجاج:
من أن تبدلت بآدي آدا (1) يعني بقوة شبابي قوة الشيب قال الشاعر:
ان القداح إذا اجتمعن فرامها * بالكسر ذو جلد وبطش أيد (2) يعنى بالأيد القوي قال قتادة والسدي والضحاك والربيع: روح القدس هو جبرائيل " ع ". قال: ابن زيد أيد الله عيسى بالإنجيل روحا كما جعل القرآن روحا كلاهما روح الله كما قال: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ". وروى الضحاك عن ابن عباس ان الروح: الاسم الذي كما يحيى به الموتى. وأقوى الأقوال قول من قال:
هو جبرائيل (ع) لان الله تعالى أيد عيسى به كما قال تعالى " يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي التي أنعمت عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل " (3) فأخبر انه أيده به ناو كان المراد به الإنجيل لكان ذلك تكرارا. وإنما سمي الله تعالى جبرائيل روحا واضافه إلى القدس، لأنه كان بتكوين الله روحا من عنده من غير ولادة والد ولده. وقال قوم سمي روحا لأنه كان بمنزلة الأرواح للأبدان تحيى بما يأتي به من