لأنها خلقت من المرء فأما تسميتها حواء: لما أدخل آدم الجنة واخرج منها إبليس ولعن وطرد فاستوحش: فخلقت ليسكن إليها فقالت له الملائكة تجربة لعلمه:
ما اسمها؟ قال حواء قالوا لم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شئ حي وقال ابن إسحاق: خلقت من ضلعه قبل دخوله الجنة، ثم دخلا جميعا الجنة لقوله تعالى: " يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة " التي كان فيها آدم في السماء، لأنه أهبطهما منها وقال أبو مسلم محمد بن يحيى: هي في الأرض، لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهاهما عنها دون غيرها من الثمار و " حيث " مبنية على الضم كما تبنى الغاية: نحو من قبل ومن بعد، لأنه منع من الإضافة (إلى المفرد) كما منعت الغاية من الإضافة إلى مفرد وقوله: " ولا تقربا هذه الشجرة " صيغته صيغة النهي والمراد به الندب عندنا لأنه دل الدليل على أن النهي لا يكون نهيا إلى بكراهته للمنهي عنه والله تعالى لا يكره إلا القبيح والأنبياء لا يجوز عليهم القبائح: صغيرها ولا كبيرها وقالت المعتزلة: إن تلك كانت صغيرة من آدم - على اختلافهم في أنه كان منه عمدا أو سهوا أو تأويلا - وإنما قلنا لا يجوز عليهم القبائح، لأنها لو جازت عليهم لوجب أن يستحفوا بها ذما، وعقابا وبراءة ولعنة، لان المعاصي كلها كبائر عندنا والاحباط باطل ولو جاز ذلك لنفر عن قبول قولهم وذلك لا يجوز عليهم كما لا يجوز كل منفر عنهم من الكبائر والخلق المشوهة والأخلاق المنفرة ولا خلاف أن النهي يتناول الا كل دون القرب كأنه قال: لا تقربا بالاكل لأنه لا خلاف أن المخالفة وقعت بالاكل لا بالدنو منها ولذلك قال: " فاكلا منها فبدت لهما سوأتهما " وقوله: " فتكونا " يحتمل أن يكون جوابا للنهي فيكون موضعه نصبا وهو الأقوى ويحتمل أن يكون عطفا على النهي فيكون موضعه جزما وكلاهما جيد محتمل ومتى كان جوابا كان تقديره: إن قربتما كنتما من الظالمين، لأنه يتضمن معنى الجواب وإذا كان عطفا على النهي فكأنه قال: لا تكونا من الظالمين وأجاز البصريون من أهل العدل أن يبتدئ الله الخلق في الجنة فينعمهم فيها تفضلا منه