وتسميته بأنه فرقان، لأنه يفرق بين الحق والباطل. والفرقان هو الفرق بين الشيئين. وإنما يقع الفرق بين الحق والباطل بادلته الدالة على صحة الحق، وبطلان الباطل.
وتسميته بالكتاب لأنه مصدر من قولك، كتبت كتابا، كما تقول قمت قياما. وسمي كتابا وإنما هو مكتوب، كما قال الشاعر في البيت المتقدم. والكتابة مأخوذة من الجمع في قولهم: كتبت السقاء إذا جمعته بالخرز قال الشاعر:
لا تأمنن فزاريا خلوت به * على قلوصك فاكتبها باسيار (1) والكتبة، الخرزة. وكلما ضممت بعضه إلى بعض على وجه التقارب فقد كتبته والكتيب (2) من الجيش، من هذا لانضمام بعضها إلى بعض وتسميته بالذكر، ويحتمل أمرين: أحدهما - انه ذكر من الله تعالى ذكر به عباده، فعرفهم فيه فرائضه، وحدوده. والآخر - انه ذكر وشرف لمن آمن به وصدق بما فيه. كقوله (وانه لذكر لك ولقومك) (3).
وأما السورة - بغير همز - فهي منزلته من منازل الارتفاع، ومن ذلك سور المدينة سمي بذلك - الحائط الذي يحويها لارتفاعه عما يحويه غيران سور المدينة لم يجمع سورا، وسورة القرآن تجمع سورا. وهذه أليق بتسميته سور القرآن سورة. قال النابغة ألم تر ان الله أعطاك سورة * يرى كل ملك دونها يتذبذب يعني منزلة من منازل الشرف التي قصرت عنها الملوك.
واما من همز السورة من القرآن، فإنه أراد به القطعة التي انفصلت من القرآن وأبقيت وسؤر كل شئ بقيته. يقال اسأرت في الاناء أي أبقيت فيه قال الأعشى بن ثعلبة، يصف امرأة فبانت وقد أسأرت في الفؤاد * صدعا على نأيها مستطارا