مال وبنين " (1) فلا يجوز إسقاطها في مثله من الكلام، لأنه ليس فيه معنى الحكاية، والقول كما في الدعوى، والارسال. واما قوله: " والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم (2) فلا يجوز في مثله إثبات، لأنه يضمر معه القول، ولا يجوز معه التصريح بالقول، ولا مع اضمار أن لأنه حكاية كما تقول: قلت له: زيد في الدار، ولا يجوز قلت له: أن زيدا في الدار وانشد الكسائي:
إني سأبدي لك فيما أبدي * لي شجنان: شجن بنجد وشجن لي بباد الهند (3) لان الابداء قول. ومنه قوله: " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة " (4)، لأن العدة قول. فان قيل: كيف قال: " لا تموتن " على وجه النهي لهم عن الموت، والموت ليس في مقدورهم، فيصح أن ينهوا عنه؟ قلنا:
اللفظ وإن كان على لفظ النهي. فما نهوا عن الموت، وإنما نهوا في الحقيقة عن ترك الاسلام: لئلا يصاد فهم الموت عليه، وتقديره لا تتعرضوا للموت على ترك الاسلام بفعل الكفر، ومثله من كلام العرب لا رأيتك (5) هاهنا، فالنهي في اللفظ للمتكلم، وإنما هو في الحقيقة للمخاطب، فكأنه قال: لا تتعرض لان أراك بكونك هاهنا.
ومثله لا يصادفنك الامام على ما يكره، وتقديره: لا تتعرض لان يصادفك على ما يكره. ومثله لا يكونن زيد إلا عندك تقديره: لا تتعرض لان يكون زيد ليس عندك: بالتفريط في ذلك، والاهمال له والأصل في هذا أن التعريض لوقوع الشئ بمنزلة ايقاع الشئ.
وقوله: " وأنتم مسلمون " جملة في موضع الحال. وتقديره: لا تموتن إلا مسلمين.