الآية مثل الآية الأولى سواء.
واما سفك الدم، فإنه صبه واراقته. ومعنى " لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم " النهي عن أن يقتل بعضهم بعضا، وكان في قتل الرجل منهم قتل نفسه إذا كانت ملتهما واحدة، ودينهما واحد وكان أهل الدين الواحد في ولاية بعضهم بعضا بمنزلة رجل واحد. كما قال النبي صلى الله عليه وآله: إنما المؤمنون في تعاطفهم وتراحمهم بينهم بمنزلة الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر. فهذا قول قتادة وأبي العالية. ويحتمل أن يكون المراد لا يقتل الرجل منكم غيره فيقاد به قصاصا. فيكون بذلك قاتلا نفسه، لأنه كالسبب فيه وأضيف قتل الولي إياه قصاصا إليه بذلك. كما يقال لرجل يعاقب لجناية جناها على نفسه: أنت جنيت على نفسك. وفيه قول ثالث: وهو ان قوله: " أنفسكم " أراد به اخوانكم، لأنهم كنفس واحدة.
وقوله: " ثم أقررتم وأنتم تشهدون " اي أقررتم بذلك أيضا، وبذلتموه من أنفسكم، وأنتم شاهدون على من تقدمكم بأخذنا منهم الميثاق، وما بذلوه من أنفسهم.
فذكر تعالى اقرارهم وشهادتهم، لان اخذ الميثاق كان على اسلافهم - وإن كان لازما للجميع، لتوكيد الحجة عليهم. - وقال بعض المفسرين: نزلت هذه الآية في بني قريظة والنضير.
يقول: حرم الله في الكتاب ان تسفكوا دماءكم، اي لا تقتتلوا فيقتل بعضكم بعضا (1)، ولا تتركوا أسيرا في يد الآسرين ليقتلوه " ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم " معناه لا تغلبوا أحدا على داره، فتخرجوه، فقبلتم ذلك وأقررتم به. وهو اخذ الميثاق " وأنتم تشهدون " بذلك.
واما النفس فمأخوذة من النفاسة، وهي الجلالة فنفس الانسان أنفس ما فيه. والدار هي المنزل الذي فيه أبنية المقام، بخلاف (2) منزل الارتحال. وقال الخليل: كل