أكن اعرفه كقوله تعالى: " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم " (1) يعني لا تعرفونهم الله يعرفهم. والذين نصب، لأنه مفعول به. اعتدوا: أي ظلموا وجاز واما حدلهم، وكانوا أمروا ألا يعدوا في السبت، وكانت الحيتان تجتمع، لا منها في السبت فحبسوها في السبت واخذوها في الاحد. واعتدوا في السبت، لان صيدها هو حبسها وقال قوم: بل اعتدوا فصادوا يوم السبت وسمي السبت سبتا لان السبت هو القطعة من الدهر فسمي بذلك اليوم، هذا قول الزجاج وقال أبو عبيدة:
سمي بذلك: لأنه سبت خلق فيه كل شئ: اي قطع وقوع. وقال قوم سمي بذلك لان اليهود يسبتون فيه: اي يقطعون الاعمال. وقال آخرون: سمي بذلك، لما لهم فيه من الراحة، لان أصل السبت هو السكون والراحة. ومن ذلك قوله: " وجعلنا نومكم سباتا " (2)، وقيل للنائم مسبوت لاستراحته وسكون جسده فسمي به اليوم، لاستراحة اليهود فيه.
وقوله: " فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ". اخبار عن سرعة فعله ومسخه إياهم. لا أن هناك امرا كما قال للسموات والأرض " اتيا طوعا أو كرها قالتا اتينا طائعين " (3). ولم يكن هناك قول، وإنما اخبر عن تسهل الفعل عليه وتكوينه له بلا مشقة، بلفظ الامر.
ومعنى الآية على ما قاله أكثر المفسرين: انه مسخهم قردة في صورة القردة سواء.
وحكي عن ابن عباس: أنه قال: لم يعش مسخ قط أكثر من ثلاثة أيام. ولم يأكل ولم يشرب.
وقال مجاهد: إن ذلك مثل ضربه الله، كما قال: " كمثل الحمار يحمل أسفارا " (4). ولم يمسخهم قردة. وحكي عنه أيضا: أنه قال مسخت قلوبهم فجعلت كقلوب القردة لا تقبل وعظا ولا تقي زجرا. وهذان القولان منافيان لظاهر