ولا لعب. وظنوا في امره إياهم عن الله: بذبح - البقرة - عند نذرائهم في القتيل - انه هازئ لاعب ولم يكن لهم ذلك.
وحذفت الفاء من قوله: أتتخذنا هزوا - وهو جواب - للاستغناء ما قبله من الكلام عنه وحسن السكوت على قوله إن الله يأمركم ان تذبحوا بقرة فجاز لذلك اسقاط الفاء من قوله. فقالوا كما حسن اسقاطها في قوله: " فما خطبكم أيها المرسلون قالوا انا أرسلنا " (1) ولم يقل فقالوا. ولو قيل بالفاء لكان حسنا. ولو كان ذلك على كلمة واحدة لم تسقط منه الفاء ألا ترى انك إذا قلت: قمت ففعلت، لم يجز اسقاط الفاء لأنها عطف لا استفهام يوقف عليه.
فقال موسى حينئذ: أعوذ بالله ان أكون من الجاهلين. يعني السفهاء الذين يردون على الله الكذب والباطل. وكان السبب في امر موسى لقومه بذبح البقرة ما ذكره المفسرون أن رجلا من بني إسرائيل كان غنيا ولم يكن له ولد وكان له قريب يرثه قيل إنه اخوه وقيل إنه ابن أخيه وقيل ابن عمه واستبطأ موته فقتله سرا والفاه في موضع بعض الأسباط وادعى قتله على أحدهم فاحتكموا إلى موسى فسأل من عنده من ذلك علم فقال أنت نبي الله وأنت اعلم منا فقال إن الله يأمركم ان تذبحوا بقرة فلما سمعوا ذلك منه وليس في ظاهره جواب عما سألوا عنه قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين لان الخروج عن جواب السائل المسترشد إلى الهزء جهل. وقال بعضهم وإنما أمروا بذبح البقرة دون غيرها لأنها من جنس ما عبدوه من العجل ليهون عليهم ما كانوا يرونه من تعظيمهم وليعلم بإجابتهم زوال ما كان في نفوسهم من عبادته والبقرة اسم الأنثى. والثور للذكر: مثل ناقة وجمل، وامرأة ورجل، فيكون تأنيثه بغير لفظه.
والبقرة: مشتق من الشق: يقولون: بقر بطنه: إذا شقه، لأنها تشق الأرض في الحرث.