انهم اعترفوا بما يوجب عليهم غضب الله. ومنه قول الشاعر:
إني أبو بعثرتي وخطيئتي * ربي وهل إلا إليك المهرب وأما الغضب. قال قوم: ما حل بهم من البلاء والنقمة في دار الدنيا بدلا من الرخاء والنعمة. وقال آخرون: هو ما بينا لهم في الآخرة من ألقاب على معاصيهم.
وقوله: " ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله " إشارة إلى ما تقدم ذكره من ضرب الذلة والمسكنة، وإحلال غضبه بهم، لأنه يشتمل على جميع ذلك ومعنى " بأنهم " أي لأجل أنهم كانوا يكفرون بآيات الله، فعلنا (1) بهم ما فعلنا من أنواع العذاب.
وقوله: " يقتلون النبيين بغير الحق " لا يدل على أنه قد يصح أن يقتلوهم بحق، لان هذا خرج مخرج الصفة لقتلهم. وانه لا يكون إلا ظلما بغير حق:
كما قال: " ومن يدع مع الله إله آخر لا برهان له به " (2) وكما قال: " رب احكم (3) بالحق ". وكما قال الشاعر:
على لا حب لا يهتدي بمناره ومعناه ليس هناك منار يهتدى به. ومثله كثير.
وقوله: " ذلك بما عصوا " إشارة إلى ما انزل الله من الذلة والمسكنة بما عصوا من قتلهم الأنبياء وعدوهم في السبت وغير ذلك. وقيل معناه: نقض العهد.
وكانوا يعتقدون في قتل الأنبياء. انه روي أنهم كانوا إذا قتلوا النبي في أول النهار قامت سوق بقتلهم في آخره. وإنما خلى الله بين الكافرين، وقتل الأنبياء، لينالوا من رفيع المنازل ما لم ينالوه بغيره وليس ذلك بخذلان لهم كما فعل بالمؤمن من أهل طاعته. وقال الحسن: ان الله تعالى ما امر نبيا بالحرب الا نصره. فلم يقتل: وإنما خلى بينه وبين قتل من لم يؤمر (4) بالقتال من الأنبياء. والذي نقوله: إن النبي