وصفي وأصفياء. فلما لزم، صار كالبرية، والخلية، ونحو ذلك، مما لزم الهمزة فيه حرف اللين بدلا من الهمزة، لما دل على أنه من الهمزة، وأنه لا يعترض عليه شئ وصار قول من حقق الهمزة في الشئ، كرد الشئ إلى الأصل المرفوع استعماله: نحو وذر وودع. فمن ثم كان التخفيف فيه الأكثر.
فاما ما روي في الحديث: من أن بعضهم قال: يا نبئ الله، فقال: لست بنبئ الله ولكني نبي الله قال: أبو علي: أظن أن من أهل البقل من ضعف اسناده. ومما يقوي تضعيفه أن من مدح النبي " ص " فقال: يا خاتم النبآء لم يؤثر فيه انكار عليه. ولو كان في واحدة نكير، لكان في الجميع مثله، ثم بينا فيما مضى: أن الصبر كف النفس، وحبسها عن الشئ (1).
المعنى:
فإذا ثبت ذلك. فكأنه قال: واذكروا إذ قلتم: يا معشر بني إسرائيل، لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد. وذلك الطعام هو ما اخبر الله عز وجل إذ أطعمهم في تيههم وهو السلوى في قول أهل التفسير وفي قول ابن منبه: الخبز النقي مع اللحم قيل: ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض: من البقل، والقثأ، وما سماه الله مع ذلك وذكر انه سألوه لموسى وكان سبب مسألتهم ذلك ما رواه قتادة. قال:
كان القوم في البرية. وقد ظلل عليهم الغمام، وانزل عليهم المن والسلوى. فملوا ذلك وذكروا عينا كانت لهم بمصر فسألوا ذلك موسى. فقال الله تعالى: اهبطوا مصرا فان لكم ما سئلتم.
وإنما قال مما تنبت الأرض، لان (من) تدخل للتبعيض. ولو لم تدخل هاهنا لكانت المسألة تدخل على جميع ما تنبته الأرض. فاتوا ب (من) التي نابت مناب البعض حيث قامت مقامه، وفي الناس من قال: إن من هاهنا زائدة وانها تجري مجرى قولهم: ما جاءني من أحد والصحيح: الأول، لان من لا تزاد في الايجاب. وإنما تزاد في النفي، ولان من المعلوم انهم ما أرادوا جميع ما تنبته الأرض وجرى ذلك