فجمع على أن واحدهم نبئ - مهموز - وقد بعضهم: النبي والنبوة غير مهموزين، لأنهما مأخوذان من النبوة. وهي مثل النجاة. وهما مأخوذان من المكان المرتفع. وكل يقول: إن أصل النبي: الطريق قال القطامي:
لما وردن نبيا واستتب بها * مسحنفر كخطوط السيح منسحل (1) قالوا: وسمي الطريق نبيا، لأنه ظاهر مبين من النبوة قال أبو علي الفارسي:
قال أبو زيد: نبأت من ارض إلى أرض، وانا أنبأ نباء ونبوء: إذا خرجت منها إلى أخرى. وليس اشتقاق النبي من هذا - وإن كان من لفظه - ولكنه من النبأ الذي هو الخبر. كأنه المخبر عن الله. فان قلت: لم لا يكون من النباوة ومما انشده أبو عثمان. قال: أنشدني ابن كيسان:
محض الضريبة في البيت الذي وضعت * فيه النباوة حلوا غير ممذوق أو يجوز فيه الامرين؟ فتقول: إنه يجوز أن يكون من النباوة ومن النبأ كما أجيز في عضة أن يكون من الواو: كقوله وعضوات. ومن الهاء كقوله:
لها بعضاه الأرض تهرير قال: ولبس ذلك كالعضة، لان سيبويه زعم أنهم يقولون في تحقير النبوة:
كان مسيلمة بنبؤته نبيئة سوء. وكلهم يقولون: تنبأ مسيلمة. ولو كان يحتمل الامرين جميعا، لما اجتمعوا على أنبياء ولا على النبيئه. فان قيل: فلم لا لا يستدل بقولهم: أنبياء؟ قيل ما ذكرته لا يدل على تجويز الامرين، لان (أنبياء) إنما جاز، لان البدل لما الزم في نبئ، صار في لزوم البدل له: كقولهم عيد وأعياد. فكما أن عيد لا يدل على أنه من الياء لكونه من عود الشئ. كذلك لا يدل أنبياء على أنه من النباوة، ولكن لما لزم البدل، جعل بمنزلة تقي وأتقياء،