لأنهم نزلوا أرضا يقال لها: ناصرة. وكان يتزلها عيسى فنسب إليها، فقيل عيسى الناصري، ثم نسب أصحابه إليه فقيل النصارى، وهذا قول ابن عباس، وقتادة، وابن جريج. وقيل: إنهم سموا بذلك، لقوله: " من أنصاري إلى الله " (1) والصابئون جمع صابئ: وهو من انتقل من دينه إلى دين آخر كالمرتد من أهل الاسلام. وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر يسمى صابئا قال أبو زيد:
صبا فلان في دينه يصبا صبوا إذ كان صابئا وصبأ تاب الصبي يصبوا صبوا: إذا كان طلع. وقال الزجاج: صبأت النجوم: إذا ظهرت. وقال أبو زيد: صبوت إليهم تصبأ صبأ وصبوء: إذا طلعت عليهم، وكان معنى الصابئ التارك دينه الذي شرع له إلى دين غيره: كما قال: ان الصابئ على القوم تارك لأرضه ومنتقل إلى سواها.
فالدين الذي فارقوه هو تركهم التوحيد إلى عبادة لنجوم، أو تغطيتها. وقال نافع هو مأخوذ من قولهم: صبا يصبوا إذا مال إلى الشئ، وأحبه ولذلك لم يهمز قال الشاعر:
صبوت اياديب وأنت كبير قال أبو علي الفارسي: هذا ليس بجيد، لأنه قد يصبو الانسان إلى دين فلا يكون منه مدين به مع صبوه إليه فإذا كان هذا هكذا، وكان الصابئون منتقلين من دينهم الذي اخذ عليهم إلى سواه، وجب أن يكون مأخوذا من صبأت الذي هو الانتقال. ويكون الصابئون على قلب الهمزة، وقلب الهمزة على هذا الحد، لا يجيزه سيبويه إلا في الشعر ويجيزه غيره فهو على قول من أجاز ذلك. وممن أجاز ذلك أبو زيد. وحكي عنه أنه قال لسيبويه: سمعت قربت وأخطيت قال فكيف تقول في المضارع قلت: اقرأ فقال حسبك أو نحو هذا. قال أبو علي يريد سيبويه ان قريت مع اقرأ لا ينبغي، لان قريت اقرأ على الهمز وقريت على القلب، فلا يجوز ان تغير بعض الأمثلة دون بعض. فدل على أن القائل لذلك غير فصيح، فإنه غلط في لغته. وقال قتادة والبلخي: الصابئون قوم معرفون لهم مذهب ينفردون به،