المعمول حيث يمتنع وقوع العامل هذا وفي عدوله سبحانه عن اسناد الغضب إلى نفسه جل شأنه مع التصريح باسناد عديله أعني النعمة إليه عز سلطانه تشييد لعالم العفو والرحمة وتأسيس لمباني الجود والكرم حتى كأن الصادر عنه هو الانعام لا غير وأن الغضب صادر عن غيره سبحانه وإلا فالمناسب بعد قوله عز وعلا (صراط الذين أنعمت عليهم) أن يقول غير الذين غضبت عليهم وعلى هذا النمط من التصريح في جانب الرحمة والتعريض في جانب العقاب جرى (قوله عز وجل) لأن شكرتم لأزيدنكم ولإن كفرتم إن عذابي لشديد حيث لم يقل لأعذبنكم مع أنه هو مقتضى المقابلة وكذلك أغلب لآيات المتضمنة لذكر العفو والانتقام فإنك تجدها ظاهرة في ترجيح جانب العفو كما في قوله تعالى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما فإن ظاهر المقابلة وكان الله غفورا معذبا فعدل سبحانه عن ذلك إلى تكرير الرحمة ترجيحا لجانبها (وكما في قوله عز سلطانه) غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول حيث وحد صفة الانتقام وجعلها محفوفة بنعوت العفو والإحسان
(٢٩٩)