وقد روي في حديث أسامة بن شريك الذي قد ذكرناه فيما تقدم من هذا الباب ما يدل على هذا المعنى أيضا حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب وسعيد بن عامر قالا ثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك أن الاعراب سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء ثم قالوا هل علينا حرج في كذا وهل علينا حرج في كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل رفع الحرج عن عباده إلا من اقترض من أخيه شيئا مظلوما فذلك الذي حرج وهلك أفلا ترى أن السائلين لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانوا أعرابا لا علم لهم بمناسك الحج فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله لا حرج على الإباحة منه لهم التقديم في ذلك والتأخير فيما قدموا من ذلك وأخروا ثم قال لهم ما ذكر أبو سعيد في حديثه وتعلموا مناسككم ثم قد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل على هذا المعنى أيضا حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من قدم شيئا من حجه أو أخره فليهرق لذلك دما حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب قال ثنا وهيب عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله فهذا بن عباس يوجب على من قدم شيئا من نسكه أو أخره دما وهو أحد من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما سئل يومئذ عن شئ قدم ولا أخر من أمر الحج إلا قال لا حرج فلم يكن معنى ذلك عنده معنى الإباحة في تقديم ما قدموا ولا في تأخير ما أخروا مما ذكرنا إذ كان يوجب في ذلك دما ولكن كان معنى ذلك عنده على أن الذي فعلوه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم كان على الجهل منهم بالحكم فيه كيف هو فعذرهم بجهلهم وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم وتكلم الناس بعد هذا في القارن إذا حلق قبل أن يذبح فقال أبو حنيفة رحمة الله عليه دم وقال زفر رضي الله عنه عليه دمان وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله لا شئ عليه واحتجا في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للذين سألوه عن ذلك على ما قد روينا في الآثار المتقدمة وبجوابه لهم أن لا حرج عليهم في ذلك
(٢٣٨)