فكذلك الهدي الموصوف ببلوغ الكعبة لا يجزئ الذي هو عليه كذلك وإن صد عن بلوغ الكعبة للضرورة أن يذبحه فيما سوى ذلك وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في نحر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الهدي الذي نحره بالحديبية لما صد عن الحرم وتصدق بلحمه بقديد أن قوما زعموا أن نحره إياه كان في الحرم حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا مخول بن إبراهيم بن مخول بن راشد عن إسرائيل عن مجزأة بن زاهر عن ناجية بن جندب الأسلمي عن أبيه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم حين صد الهدي فقلت يا رسول الله ابعث معي بالهدي فلأنحره في الحرم قال وكيف تأخذ به قلت آخذ به في أودية لا يقدرون علي فيها فبعثه معي حتى نحرته في الحرم فقد دل هذا الحديث أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نحر في الحرم وقال آخرون كان النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية وهو يقدر على دخول الحرم قالوا ولم يكن صد إلا عن البيت واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سفيان بن بشر الكوفي قال ثنا يحيى بن زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المسور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالحديبية خباؤه في الحل ومصلاه في الحرم فثبت بما ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن صد عن الحرم وأنه كان يصل إلى بعضه ولا يجوز في قول أحد من العلماء لمن قدر على دخول شئ من الحرم أن ينحر هديه دون الحرم فلما ثبت بالحديث الذي ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل إلى بعض الحرم استحال أن يكون نحر الهدي في غير الحرم لان الذي أباح نحر الهدي في غير الحرم إنما يبيحه في حالة الصد عن الحرم في حال القدرة على دخوله فانتفى بما ذكرنا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم نحر الهدي في غير الحرم وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد احتج قوم في تجويز نحر الهدي في غير الحرم بما حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال خرجت مع عثمان وعلي رضي الله عنهما فاشتكى الحسن رضي الله عنه بالسقيا وهو محرم فأصابه برسام فأومى إلى رأسه فحلق علي رأسه ونحر عنه جزورا فأطعم أهل الماء
(٢٤٢)