فدل ذلك على ما ذكرنا فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد روى عن المتقدمين في ذلك ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكر قال حدثني الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن سالم الدوسي عن سعد بن أبي وقاص وسأله رجل أتباشر وأنت صائم فقال نعم حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن عباس سئل عن القبلة للصائم فرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي النضر أن عائشة بنت طلحة أخبرتها أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر وهو صائم فقالت له عائشة رضي الله عنها ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبلها قال أقبلها وأنا صائم فقالت له عائشة رضي الله عنها نعم حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب قال ثنا الليث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن أبي مرة مولى عقيل عن حكيم بن عقال أنه قال سألت عائشة رضي الله عنها ما يحرم على من امرأتي وأنا صائم قالت فرجها فهذه عائشة رضي الله عنها تقول فيما يحرم على الصائم من امرأته وما يحل له منها ما قد ذكرنا فدل ذلك على أن القبلة كانت مباحة عندها للصائم الذي يأمن على نفسه ومكروهة لغيره ليس لأنها حرام عليه ولكنه لأنه لا يأمن إذا فعلها من أن تغلبه شهوته حتى يقع فيما يحرم عليه وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن ثعلبة بن صعير العذري هكذا قال بن أبي مريم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه أنه أخبره أنه سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهون الصائم عن القبلة ويقولون انها تجر إلى ما هو أكبر منها فقد بين في هذا الحديث المعنى الذي من أجله كرهها من كرهها للصائم وأنه إنما هو خوفهم عليه منها أن يجره إلى ما هو أكبر منها فذلك دليل على أنه إذا ارتفع ذلك المعنى الذي من أجله منعوه منها أنها له مباحة وقد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي العطار قال ثنا مروان بن معاوية عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن قبلة الصائم
(٩٥)