فلو كان حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك عندها خلاف حكم غيره من الناس إذا لما كان ما علمته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم جوابا لما سئلت عنه من فعل غيره وقد سألها عبد الله بن عمر لما جمع له أبوه أهله في شهر رمضان عن مثل ذلك فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وهذا عندنا لأنها كانت تأمن عليه فدل ما ذكرنا على استواء حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الناس عندها في حكم القبلة إذا لم يكن معها الخوف على ما بعدها مما تدعو إليه وهو أيضا في النظر كذلك لأنا قد رأينا الجماع والطعام والشراب قد كان ذلك كله حراما على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيامه كما هو حرام على سائر أمته في صيامهم ثم هذه القبلة قد كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلالا في صيامه فالنظر على ما ذكرنا أن يكون أيضا حلالا لسائر أمته في صيامهم أيضا ويستوي حكمه وحكمهم فيها كما يستوي في سائر ما ذكرنا وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ما يدل على استواء حكمه وحكم أمته في ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رجلا قبل امرأته وهو صائم فوجد من ذلك وجدا شديدا فأرسل امرأته تسأل له عن ذلك فدخلت على أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لها فأخبرتها أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم فرجعت فأخبرت بذلك زوجها فزاده شرا وقال لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل الله عز وجل لرسوله ما شاء ثم رجعت المرأة إلى أم سلمة رضي الله عنها فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال هذه المرأة فأخبرته أم سلمة فقال ألا أخبرتيها أنى أفعل ذلك فقالت أم سلمة رضي الله عنها قد أخبرتها فذهبت إلى زوجها فأخبرته فزاده شرا وقال يحل الله لرسوله ما شاء فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إني لأتقاكم لله عز وجل وأعلمكم بحدوده
(٩٤)