أفلا ترى أن الحامل والمرضع إذا صامتا رمضان أن ذلك يجزيهما أو أنهما لا يكونان كمن صام قبل وجوب الصوم عليه بل جعل ما يجب الصوم عليهما بدخول الشهر فجعل لهما فأخبره للضرورة والمسافر في ذلك مثلهما وهذا أولى ما حمل عليه هذا الأثر حتى لا يضاد غيره من الآثار التي ذكرناها في هذا الباب وكان من الحجة على أهل المقالة الأولى التي قد ذكرناها لأهل المقالة الثانية التي وصفناها أنا قد رأيناهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أباح لهم الافطار في السفر يصومون فيه فمما روى في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان وربيع الجيزي وصالح بن عبد الرحمن قالوا ثنا القعنبي قال ثنا هشام بن سعد عن عثمان بن حيان الدمشقي عن أم الدرداء قالت قال أبو الدرداء لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم شديد الحر حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما منا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي نضرة عن جابر رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمنا الصائم ومنا المفطر فلم يكن يعيب بعضنا على بعض حدثنا علي بن شيبة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لتسع عشرة أو لسبع عشرة من رمضان فصام صائمون وأفطر مفطرون فلم يعب هؤلاء على هؤلاء ولا هؤلاء على هؤلاء حدثنا علي بن شيبة قال ثنا روح قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فذكر بإسناده مثله غير أنه قال لاثنتي عشرة حدثنا علي قال ثنا روح قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة فذكر بإسناده مثله غير أنه قال لثمان عشرة حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب قال ثنا هشام فذكر بإسناده مثله حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا هشام فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر فتح مكة حدثنا محمد بن عمرو قال ثنا أبو معاوية عن عاصم عن مورق العجلي عن أنس رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا في يوم شديد الحر فمنا الصائم ومنا المفطر فنزلنا في يوم حار وأكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يستر الشمس بيده فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقطوا الركاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب المفطرون بالاجر اليوم حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم فدل ما ذكرنا في هذه الآثار أن ما كان من إفطار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أصحابه بذلك ليس على المنع من الصوم في السفر وأنه على الإباحة للافطار
(٦٨)