وقالوا لأهل المقالة التي ذكرنا ليس فيما ذكرتموه من تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لحمزة بين الصوم في السفر والفطر دليل على أنه ليس أحدهما أفضل من الآخر ولكن إنما خيره بما له أن يفعله من الافطار والصوم وقد رأينا شهر رمضان يجب بدخوله الصوم على المسافرين والمقيمين جميعا إذا كانوا مكلفين فلما كان دخول رمضان هو الموجب للصيام عليهم جميعا كان من عجل منهم أداء ما وجب عليه أفضل ممن أخره فثبت بما ذكرنا أن الصوم في السفر أفضل من الفطر وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله وقد روى ذلك أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه وعن نفر من التابعين حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير قال الصوم أفضل والافطار رخصة يعنى في السفر حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن حماد عن إبراهيم وسعيد بن جبير ومجاهد أنهم قالوا في الصوم في السفر إن شئت صمت وإن شئت أفطرت والصوم أفضل حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا حبيب عن عمرو بن هرم قال سئل جابر بن زيد عن صيام رمضان في السفر فقال يصوم من شاء إذا كان يستطيع ذلك ما لم يتكلف أمرا يشق عليه وإنما أراد الله تعالى بالافطار التيسير على عباده حدثنا يونس قال أنا بشر بن بكر عن الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تصوم في السفر في الحر فقلت ما حملها على ذلك فقال إنها كانت تبادر فهذه عائشة رضي الله عنها كانت ترى المبادرة بصوم رمضان في السفر أفضل من تأخير ذلك إلى الحضر وكان أيضا مما احتج به من كره الصوم في السفر ما حدثنا يونس رضي الله عنه قال ثنا عبد الله بن يوسف ح وحدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قالا ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن منصور الكلبي أن دحية بن خليفة خرج من قريته بدمشق إلى قدر قرية عقبة في رمضان فأفطر ومعه أناس وكره آخرون أن يفطروا فلما رجع إلى قريته قال والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أن أراه إن قوما رغبوا عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا ثم قال اللهم اقبضني إليك فكان من الحجة للذين استحبوا الصوم في السفر في هذا الحديث أن دحية إنما ذم من رغب من هدى
(٧٠)