أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه مغفر فلما كشف المغفر عن رأسه قيل له إن بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أنه لا بأس بدخول الحرم بغير إحرام واحتجوا في ذلك بهذه الآثار وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يصلح لأحد كان منزله من وراء الميقات إلى الأمصار أن يدخل مكة إلا بإحرام واختلف هؤلاء فقال بعضهم وكذلك الناس جميعا من كان بعد الميقات وقبل الميقات غير أهل مكة خاصة وقال آخرون من كان منزله في بعض المواقيت أو فيما بعدها إلى مكة فله أن يدخل مكة بغير إحرام ومن كان منزله قبل المواقيت لم يدخل مكة إلا بإحرام وممن قال هذا القول أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله وقال آخرون أهل المواقيت حكمهم حكم من كان قبل المواقيت وجعل أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله حكم أهل المواقيت كحكم من كان من ورائهم إلى مكة وليس النظر في هذا عندنا ما قالوا أنا رأينا من يريد الاحرام إذا جاوز المواقيت حلالا حتى فرغ من حجته ولم يرجع إلى المواقيت كان عليه دم ومن أحرم من المواقيت كان محسنا وكذلك من أحرم قبلها كان كذلك أيضا فلما كان الاحرام من المواقيت في حكم الاحرام مما قبلها لا في الاحرام مما بعدها ثبت أن حكم المواقيت كحكم ما قبلها لا كحكم ما بعدها فلا يجوز لأهلها من دخول الحرم إلا ما يجوز لأهل الأمصار التي قبل المواقيت فانتفى بهذا ما قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد في حكم أهل المواقيت واحتجنا إلى النظر في الاخبار هل فيها ما يدفع دخول الحرم بغير إحرام وهل فيها ما ينبئ عن معنى في هذين الحديثين المتقدمين يجب بذلك المعنى أن ذلك الدخول الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم بغير إحرام خاص له
(٢٥٩)