شرح معاني الآثار - أحمد بن محمد بن سلمة - ج ٢ - الصفحة ٢٦٢
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار أن مكة لم تحل لأحد كان قبله ولا تحل لأحد بعده وأنها إنما أحلت له ساعة من نهار ثم عادت حراما كما كانت إلى يوم القيامة فدل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان دخلها يوم دخلها وهي له حلال فكان له بذلك دخولها بغير إحرام وهي بعد حرام فلا يدخلها أحد إلا بإحرام فان قال قائل إن معنى ما أحل للنبي صلى الله عليه وسلم منها هو شهر السلاح فيها للقتال وسفك الدماء لا غير ذلك قيل له هذا محال إن كان الذي أبيح للنبي صلى الله عليه وسلم منها هو ما ذكرت خاصة إذ لم يقل ولا يحل لأحد بعدي وقد رأيناهم أجمعوا أن المشركين لو غلبوا على مكة فمنعوا المسلمين منها حلالا للمسلمين قتالهم وشهر السلاح بها وسفك الدماء وأن حكم من بعد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك في إباحتها في حكم النبي صلى الله عليه وسلم فدل ذلك أن المعنى الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم خص به فيها وأحلت له من أجله ليس هو القتال وإذا أنتفي أن يكون هو القتال ثبت أنه الاحرام ألا ترى إلى قول عمر بن سعيد لأبي شريح إن الحرم لا يمنع سافك دم ولا مانع خربة ولا خالع طاعة جوابا لما حدثه به أبو شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليه أبو شريح ولم يقل له إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بما حدثتك عنه أن الحرم قد يجير كل الناس ولكنه عرف ذلك فلم ينكره وهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه فقد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال من رأيه لا يدخل أحد الحرم إلا بإحرام وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى فدل قوله هذا أن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أحلت له ليس هو على إظهار السلاح بها وإنما هو على معنى آخر لأنه لما انتفى هذا القول ولم يكن غيره وغير القول الآخر ثبت القول الآخر ثم احتجنا بعد هذا إلى النظر في حكم من بعد المواقيت إلى مكة هل لهم دخول الحرم بغير إحرام أم لا فرأينا الرجل إذا أراد دخول الحرم لم يدخله إلا بإحرام وسواء أراد دخول الحرم لاحرام أو لحاجة غير الاحرام ورأينا من أراد دخول تلك المواضع التي بين المواقيت وبين الحرم لحاجة أنه له دخولها بغير إحرام فثبت بذلك أن حكم هذه المواضع إذا كانت تدخل للحوائج بغير إحرام كحكم ما قبل المواقيت وأن أهلها لا يدخلون الحرم إلا كما يدخله من كان أهله وراء المواقيت إلى الآفاق فهذا هو النظر عندي في هذا الباب وهو خلاف قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الزكاة 3
2 باب الصدقة على بنى هاشم 3
3 باب الفقير القوى هل تحل له الصدقة؟ 14
4 باب إعطاء الزكاة للزوج 22
5 باب الخيل هو فيها زكاة؟ 26
6 باب الزكاة هل يأخذها الامام؟ 30
7 باب ذوات العوار في الصدقات 33
8 باب زكاة ما يخرج من الأرض 34
9 باب الخرص 38
10 باب مقدار صدقة الفطر 41
11 باب وزن الصاع 48
12 كتاب الصيام 52
13 باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام 52
14 باب النية بعد الفجر 54
15 باب حديث شهرا عيد لا ينقصان 58
16 باب من جامع في رمضان 59
17 باب الصيام في السفر 62
18 باب صوم عرفة 71
19 باب صوم عاشوراء 73
20 باب صوم يوم السبت 80
21 أحاديث صوم يوم الجمعة 81
22 باب الصوم بعد نصف شعبان 82
23 أحاديث أفضل الصيام والنهى عن كثرة ذلك 85
24 باب القبلة للصائم 88
25 باب الصائم يقيء 96
26 باب الصائم يحتجم 98
27 باب جنابة الصائم 102
28 باب إفطار صوم النفل 107
29 باب صوم يوم الشك 111
30 كتاب مناسك الحج 112
31 باب حج المرأة بغير محرم 112
32 باب المواقيت 117
33 باب موضع الإهلال النبوي 120
34 بحث نزول المحصب 121
35 باب التلبية 124
36 باب التطيب عند الإحرام 126
37 بحث النهى عن التزعفر للرجال 127
38 باب ما يلبس المحرم 133
39 باب لبس ما مسه ورس أو زعفران 136
40 باب خلع القميص 138
41 باب الإحرام النبوي بالحج أو العمرة 139
42 باب ركوب الهدى 160
43 باب ما يقتل المحرم من الدواب 163
44 باب لحم الصيد الذي يذبحه الحلال 168
45 باب رفع اليدين عند رؤية البيت 176
46 باب الرمل في الطواف 179
47 باب ما يستلم من الأركان في الطواف 183
48 باب صلاة الطواف بعد الصبح والعصر 186
49 باب طواف الحاج المحرم قبل الوقوف بعرفة 189
50 باب طواف القارن 197
51 باب حكم الوقوف بمزدلفة 207
52 باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة 211
53 باب وقت رمي الجمرة للضعفاء 215
54 باب رمي جمرة العقبة ليلة النحر قبل طلوع الفجر 218
55 باب ترك رمي يوم النحر 221
56 باب قطع التلبية للحاج 223
57 باب وقت حل اللباس والطيب 227
58 باب حيض المرأة بعد طواف الزيارة 232
59 باب تقديم نسك على نسك 235
60 باب ميقات العمرة للمكي 240
61 باب ذبح الهدى في غير الحرم 241
62 باب المتمتع يصوم أيام التشريق 243
63 أحاديث النهى عن صوم أيام التشريق 244
64 أحاديث النهى عن صوم يوم النحر ويوم الفطر 247
65 باب المحصر بالحج 249
66 باب حج الصغير 256
67 باب دخول الحرم بغير إحرام 258
68 باب الرجل يبعث الهدى إلى مكة 264
69 باب نكاح المحرم 268