فإن قال قائل فقد رأينا القبلة حراما على المحرم بعد أن يحلق وهي قبل الوقوف بعرفة في حكم اللباس لا في حكم الجماع فلم لا كان اللباس بعد الحلق أيضا كهي قيل له إن اللباس بالحلق أشبه منه بالقبلة لان القبلة هي بعض أسباب الجماع وحكمها حكمه تحل حيث يحل وتحرم حيث يحرم في النظر في الأشياء كلها والحلق واللباس ليسا من أسباب الجماع إنما هما من أسباب إصلاح البدن فحكم كل واحد منهما بحكم صاحبه أشبه من حكمه بالقبلة فقد ثبت بما ذكرنا أنه لا بأس باللباس بعد الرمي والحلق وقد قال ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إذا حلقتم ورميتم فقد حل لكم كل شئ إلا النساء والطيب حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه مثله حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه خطب الناس بعرفة فذكر مثله حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان عن ابن جريج وموسى عن نافع عن ابن عمر أنه كان يأخذ من أظفاره وشاربه ولحيته يعني قبل أن يزور فهذا عمر رضي الله عنه قد أباح لهم إذا رموا وحلقوا كل شئ الا النساء والطيب وقد خالفته عائشة رضي الله عنها وابن عباس رضي الله عنهما وابن الزبير في الطيب خاصة فاما عائشة رضي الله عنها وابن عباس فقد روينا ذلك عنهما فيما تقدم من هذا الباب وأما بن الزبير فحدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن الهاد عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال سمعت عبد الله بن الزبير يقول إذا رمى الجمرة الكبرى فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت وقد روى عن ابن عمر ما يدل على هذا أيضا حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان قال ثنا عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عمر قال قال عمر رضي الله عنه فذكر مثل الذي رويناه عنه في الفصل الذي قبل هذا قال فقالت عائشة رضي الله عنها كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر
(٢٣١)