فأخبر عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يخلط التكبير بالتهليل وكان التهليل والتكبير لا يدلان على أن لا تلبية فوقتها والتلبية في ذلك الوقت تدل على أن ذلك الوقت كان وقت تلبيته فثبت بتصحيح هذه الآثار أن وقت التلبية إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر فإن قال قائل فقد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما صححتم عليه هذه الآثار وذكر ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا موسى بن يعقوب عن مصعب بن ثابت عن عمه عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يهل يوم عرفة حتى يروح حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تترك التلبية إذا راحت إلى الموقف فمن الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى أن القاسم لم يخبر في حديثه الذي رويناه عنه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت إن التلبية تنقطع قبل الوقوف بعرفة وإنما أخبر عن فعلها فقال كانت تترك التلبية إذا راحت إلى الموقف فقد يجوز أن تكون كانت تفعل ذلك لا على أن وقت التلبية قد انقطع ولكن لأنها تأخذ فيما سواها من الذكر من التكبير والتهليل كما لها أن تفعل ذلك قبل يوم عرفة أيضا ولا يكون ذلك دليلا على انقطاع التلبية وخروج وقتها وكذلك ما رواه عبد الله بن الزبير عن عمر رضي الله عنه في ذلك أيضا وهو مثل هذا وقد حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود قال حججت مع الأسود فلما كان يوم عرفة وخطب بن الزبير بعرفة فلما لم يسمعه يلبي صعد إليه الأسود فقال ما يمنعك أن تلبي فقال أو يلبي الرجل إذا كان في مثل مقامك هذا قال الأسود نعم سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يلبي في مثل مقامك هذا ثم لم يزل يلبي حتى صدر بعيره عن الموقف قال فلبى بن الزبير حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر عن صخر بن جويرية عن عبد الرحمن بن الأسود قال سمعت بن الزبير يخطب يوم عرفة فقال إن هذا يوم تسبيح وتكبير وتهليل فسبحوا وكبروا فجد إلي يعني الأسود يحرش الناس حتى صعد إليه وهو على المنبر فقال أشهد على عمر رضي الله عنه أنه لبى على المنبر في هذا اليوم فقال بن الزبير لبيك اللهم لبيك أفلا ترى أن الأسود لما أخبر بن الزبير بتلبية عمر رضي الله عنه في مثل يومه ذلك قبل ذلك منه وأخذ به
(٢٢٦)