وكان إذا جمعهما فكل قد أجمع أنه في حرمتين حرمة حج وحرمة عمرة فكان يجئ في النظر أن يجب عليه لكل واحد منهما من الطواف والسعي وغير ذلك من الكفارات في انتهاك الحرم التي حرمت عليه فيها ما كان يجب عليه لها لو أفردها فأدخل على هذا القول فقيل فقد رأينا الحلال يصيب الصيد في الحرم فيجب عليه الجزاء لحرمة الحرم ورأينا المحرم يصيب صيدا في الحل فيجب عليه الجزاء لحرمة الحرام ورأينا المحرم إذا أصاب صيدا في الحرم وجب عليه جزاء واحد لحرمة الاحرام ودخل فيه حرمة الجزاء لحرمة الحرم وهو في وقت ما أصاب ذلك الصيد في حرمتين في حرمة إحرام وحرمة حرم فلم يجب عليه لكل واحدة من الحرمتين ما كان يجب عليه لها لو أفردها قالوا فكذلك القارن فيما كان يجب عليه لكل واحدة من عمرته وحجته لو أفردها لا يجب عليه في ذلك لما جمعهما إلا مثل ما يجب عليه في أحديهما ويدخل ما كان يجب عليه للأخرى لو كانت مفردة في ذلك قيل له إنكم لم تقطعوا أن ما يجب على المحرم في قتله الصيد في الحرم جزاء واحد وقد قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله إن القياس كان عندهم في ذلك أنه يجب عليه جزاءان جزاء لحرمة الاحرام وجزاء لحرمة الحرم وأنهم إنما خالفوا ذلك استحسانا ولكنا لا نقول في ذلك كما قالوا بل القياس عندنا في ذلك ما ذكروا أنهم استحسنوه وذلك أنا رأينا الأصل المجتمع عليه أنه يجوز للرجل أن يجمع بين حجة وعمرة ولا يجمع بين حجتين ولا بين عمرتين فكان له أن يجمع بإحرام واحد بين شكلين مختلفين فيدخل بذلك فيهما ولا يجمع بين شيئين من صنف واحد فلما كان ما ذكرنا كذلك كان له أن يجمع أيضا بأدائه جزاء واحدا ما يجب عليه بحرمتين مختلفتين وحرمة الحرم التي لا يجزئ فيها الصوم وحرمة الاحرام التي لا يجزئ فيها الصوم ويكون بذلك الجزاء الواحد مؤديا عما يجب عليه فيهما فلم يكن له أن يجمع بأدائه جزاء واحدا عما يجب عليه في انتهاك حرمتين مؤتلفتين من شكل واحد وهما حرمة العمرة وحرمة الحج كما لم يكن له أن يدخل بإحرام واحد في حرمة شيئين مؤتلفين ولما كان ما ذكرنا أيضا كذلك وكان الطواف للحجة والطواف للعمرة من شكل واحد لم يكن بطواف واحد داخلا فيهما ولم يكن ذلك الطواف مجزئا عنهما واحتاج أن يدخل في كل واحد منهما دخولا
(٢٠٦)