فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء أن يهل بالحج فليهل ومن شاء أن يهل بالعمرة فليهل فأما أنا فإني أهل بالحج لان معي الهدي قالت عائشة رضي الله عنها فمنا من أهل بالحج ومنا من أهل بالعمرة وأما أنا فإني أهللت بالعمرة فوافاني يوم عرفة وأنا حائض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي عنك عمرتك وانقضي شعرك وامتشطي ثم لبي بالحج فلبيت بالحج فلما كانت ليلة الحصبة وطهرت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر فذهب بي إلى التنعيم فلبيت بالعمرة قضاء لعمرتها فبينت عائشة أن حجتها كانت مفصولة من عمرتها قد كانت فيما بينهما نقضت شعرها وامتشطت فكيف يجوز أن يكون طوافها لحجتها التي بينها وبين عمرتها ما ذكرنا من الاحلال يجزء لحجتها هذا محال وهو أولى من حديث أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه لان ذلك إنما أخبر فيه جابر رضي الله عنه بقصة عائشة رضي الله عنها وأنها لم تكن حلت بين عمرتها وحجتها وأخبرت عائشة رضي الله عنها في هذا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها قبل دخولها في حجتها أن تدع عمرتها وأن تفعل ما يفعل الحلال بما ذكرت في حديثها ودل ذلك أيضا على أن حديث عطاء عن عائشة رضي الله عنها كما رواه عنه الحجاج وعبد الملك لا كما رواه عنه بن أبي نجيح واحتج أيضا الذين قالوا يطوف القارن لحجته وعمرته طوافا واحدا بما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا محمد بن حازم قال ثنا الحجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافا واحدا قيل له ما أعجب هذا انكم تحتجون بمثل هذا وقد رويتم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج وعن بن جريج والأوزاعي وعمرو بن دينار وقيس بن سعد عن عطاء عن جابر رضي الله عنه أنهم قدموا صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة وهو على الصفا في آخر طواف فكيف تقبلون مثل ذلك وتدعون مثل هذا فإن احتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو عامر قال ثنا رباح بن أبي معروف عن عطاء عن جابر رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يزيدوا على طواف واحد قيل لهم إنما يعني جابر رضي الله عنه بهذا الطواف بين الصفا والمروة وقد بين ذلك عنه أبو الزبير حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير سمع جابرا يقول لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا وإنما أراد جابرا بهذا أن يخبرهم أن السعي بين الصفا والمروة لا يفعل في طواف يوم النحر ولا في طواف الصدر كما يفعل في طواف القدوم
(٢٠٤)