(201) حدثنا داود بن المحبر بن قحذم بن سليمان البصري، ثنا ميسرة بن عبد ربه، عن أبي عائشة السعدي، عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وابن عباس، قالا: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة قبل وفاته وهي آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى لحق الله فوعظنا فيها موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب واقشعرت منها الجلود وتقلقلت منها الأحشاء، أمر بلالا فنادى الصلاة جامعة قبل أن يتكلم فاجتمع الناس فارتقى المنبر قال: يا أيها الناس أدنوا وأوسعوا لمن خلفكم ثلاث مرات " فدنا الناس واضطر بعضهم إلى بعض والتفتوا فلم يروا أحدا ثم قال: " أدنوا وأوسعوا لمن خلفكم " فدنا الناس واضطر بعضهم إلى بعض والتفتوا فلم يروا أحدا ثم قال: " أدنوا وأوسعوا لمن خلفكم " فدنوا واضطر بعضهم إلى بعض والتفتوا فلم يروا أحدا فقام رجل فقال: لمن نوسع، للملائكة؟ قال:: " لا إنهم إذا كانوا معكم لم يكونوا بين أيديكم ولا خلفكم ولكن عن أيمانكم وعن شمائلكم " فقال: ولم لا يكونون بين أيدينا ولا خلفنا، أهم أفضل منا؟ قال: " بل أنتم أفضل من الملائكة، اجلس " ثم خطب فقال: " الحمد لله أحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له يا أيها الناس إنه كان في هذه الأمة ثلاثون كذابا: أولهم صاحب اليمامة وصاحب صنعاء، أيها الناس إنه من لقي الله وهو يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا لا يخلط معها غيرها دخل الجنة " فقام علي بن أبي طالب فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله بين لنا كيف نخلص بها؟ لا نخلط معها غيرها بين هذا حتى نعرفه. فقال: " حرصا على الدنيا وجمعا لها من غير حلها ورضى بها وأقوام يقولون أقاويل الأحبار ويعملون عمل الجبابرة الفجار فمن لقي الله تعالى وليس فيه شئ من هذه الخصال يقول لا إله إلا الله فله الجنة ومن اختار الدنيا على الآخرة فله النار ومن تولى خصومة قوم ظلمة أو أعانهم عليها نزل به ملك الموت يبشره بلعنة ونار خالدا فيها وبئس المصير ومن خف لسلطان جائر في حاجة فهو قرينه في النار ومن دل سلطانا على جور قرن مع هامان في النار وكان هو ذلك السلطان من أشد أهل النار عذابا ومن عظم صاحب الدنيا ومدحه طمعا في دنياه سخط الله عليه وكان في درجة قارون في أسفل جهنم
(٧١)