(385) حدثنا العباس بن الفضل العبدي الأزرق ببغداد إملاء وهو من أهل البصرة، ثنا حماد بن سلمة، ثنا سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، قال: لما قتل عثمان - رضي الله عنه - ذعرت ذعرا شديدا وكان سل السيف فينا عظيما فخرجنا إلى السوق في بعض الحاجة فمررت بباب دار فإذا سلسلة معرضة مثنية على الباب وإذا جماعة فذهبت أدخل فمنعني رجل من القوم، قال القوم: دعه، فدخلت فإذا وسادة مثنية وإذا جماعة إذ جاء رجل عظيم البطن أصلع في حلة له فجلس فقال: سلوني ولا تسألوني إلا عما ينفع ويضر، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ما (والذاريات ذروا) قال: ويحك ألم أقل لك لا تسألني إلا عما ينفع ويضر، تلك الرياح، قال: فما (فالحاملات وقرا) قال: ويحك ألم أقل لك لا تسألني إلا عما ينفع ويضر، هي السحاب، قال: فما (فالجاريات يسرا) قال: ويحك ألم أقل لك لا تسألني إلا عما ينفع ويضر، تلك السفن، قال: فما (فالمقسمات أمرا) قال: ويحك ألم أقل لك لا تسألني إلا عما ينفع ويضر، تلك الملائكة، قال: له رجل: يا أمير المؤمنين أخبرني عن هذا البيت هو أول بيت وضع للناس، قال: كانت البيوت قبله، وقد كان نوح عليه السلام يسكن البيوت ولكنه أول بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين، قال: فأخبرني عن بنائه، قال: أوحي الله تعالى إلى إبراهيم - عليه السلام - أن ابن لي بيتا، فضيق إبراهيم ذرعا فأرسل الله - عز وجل - ريحا يقال لها السكينة، يقال لها الخجوج لها عينان ورأس، وأوحى الله - عز وجل - إلى إبراهيم أن يسير إذا سارت ويقيل إذا قالت، فسارت حتى انتهت إلى موضع البيت فتطوفت عليه مثل الجحفة وهي بإزاء البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة فجعل إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - يبنيان كل يوم مساقا فإذا اشتد عليهما الحر استظلا في ظل الجبل فلما بلغا موضع الحجر قال إبراهيم لإسماعيل - صلى الله عليهما - أئتني بحجر أضعه يكون علما للناس فاستقبل إسماعيل الوادي وجاءه بحجر فاستصغره إبراهيم ورمى به وقال: جئني بغيره فذهب إسماعيل - عليه السلام - وهبط جبريل - صلى الله عليه وسلم - فقال له إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: قد جاءني من لم يكلني فيه إلى حجرك قال: فبنى البيت وجعل يطوفون حوله ويصلون حتى ماتوا وانقرضوا فتهدم البيت فبنته قريش فلما بلغوا موضع الحجر اختلفوا في وضعه فقالوا: أول من يطلع من الباب، فطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: قد طلع الأمين
(١٢٩)