يا رسول الله مرني بعمل آخر، فقال: " اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة وحط عنك بها خطيئة ".
(344) حدثنا أبو الحسن بشر بن أبي بشر البصري، أخبرني الوليد بن عبد الواحد الحراني، ثنا حيان البصري، عن إسحاق بن نوح، عن محمد بن علي، عن سعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقبل على أسامة بن زيد فقال: " يا أسامة عليك بطريق الجنة وإياك أن تختلج دونها " فقال: يا رسول الله، وما أسرع ما تقطع به ذلك الطريق؟ فقال: " الظمأ في الهواجر، وحبس النفس عن لذة النساء، يا أسامة وعليك بالصوم فإنه يقرب إلى الله، إنه ليس بشئ أحب إلى الله من ريح فم الصائم، ترك الطعام والشراب لله، فإن استطعت أن يأتيك الموت وبطنك جائع وكبدك ظمآن فافعل فإنك تدرك بذلك أشرف المنازل في الآخرة، وتحل مع النبيين، تفرح بقدوم روحك عليهم، ويصلي عليك الجبار، وإياك يا أسامة وكل كبد جائعة تخاصمك إلى الله يوم القيامة، وإياك يا أسامة ودعاء عباد قد أذابوا اللحوم وأحرقوا الجلود بالرياح والسمائم، وأظمأوا الأكباد حتى غشيت أبصارهم فإن الله إذا نظر إليهم بشر بهم الملائكة، بهم تصرف الزلازل والفتن " ثم بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى اشتد نحيبه وهاب الناس أن يكلموه حتى ظنوا أن أمرا قد حدث بهم من السماء، ثم سكت فقال: " ويح لهذه الأمة ما يلقى منهم من أطاع ربه فيهم كيف يقتلونه ويكذبونه من أجل أنهم أطاعوا الله " فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله والناس يومئذ على الإسلام؟ قال: " نعم " قال: فهم إذا يقتلون من أطاع الله وأمرهم بطاعته؟ فقال: " يا عمر ترك القوم الطريق وركبوا الدواب، ولبسوا ألين الثياب وخدمتهم أبناء فارس، يتزين منهم تزين المرأة لزوجها وتبرج النساء، زيهم زي الملوك، ودينهم دين كسرى وهرمز، (يسمون بهؤلاء بالجشا) واللباس، فإذا تكلم أولياء الله عليهم العبا محنية أصلابهم قد ذبحوا أنفسهم من العطش، فإذا تكلم منهم متكلم كذب وقيل له: أنت قرين الشيطان ورأس الضلالة تحرم زينة الله والطيبات من الرزق، يتأولون كتاب الله على غير دين استذلوا أولياء الله، واعلم يا أسامة أن أقرب الناس من الله يوم القيامة لمن طال حزنه وعطشه وجوعه في الدنيا، الأخفياء الأبرار الذين إذا شهدوا لم يقربوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، تعرفهم بقاع الأرض، يعرفون في أهل السماء ويخفون على الأرض،