قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء بالأمصار: ليس على الحائض التي طافت طواف الإفاضة طواف الوداع. وروينا عن عمر وابنه وزيد بن ثابت أنهم أمروها بالمقام إذا كانت حائضا لطواف الوداع كأنهم أوجبوه عليها كطواف الإفاضة، إذ لو حاضت قبله لم يسقط عنها.
قال: وقد ثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك، وبقي عمر فخالفناه لثبوت حديث عائشة. وروى ابن أبي شيبة من طريق القاسم بن محمد: كان الصحابة يقولون إذا أفاضت قبل أن تحيض فقد فرغت إلا عمر. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي من حديث الزهري عن عروة وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة بمعناه (أربت عن يديك) بكسر الراء أي سقطت من أجل مكروه يصيب يديك من قطع أو وجع، أو سقطت بسبب يديك، أي من جنايتهما. قيل: هو كناية عن الخجالة والأظهر أنه دعاء عليه، لكن ليس المقصود حقيقته، وإنما المقصود نسبة الخطأ إليه. قال في النهاية: أي سقطت آرابك من اليدين خاصة (لكيما أخالف) ما زائدة. واستدل الطحاوي بحديث عائشة على نسخ حديث عمر في حق الحائض وكذلك استدل على نسخه بحديث أم سليم عند أبي داود الطيالسي أنها قالت: حضت بعد ما طفت بالبيت فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنفر. وحاضت صفية فقالت لها عائشة حبستنا فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنفر. ورواه سعيد بن منصور في كتاب المناسك، وإسحاق في مسنده والطحاوي وأصله في البخاري. ويؤيد ذلك ما أخرجه النسائي والترمذي وصححه الحاكم عن ابن عمر قال: من حج فليكن آخر عهده بالبيت إلا الحيض رخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعند الشيخين من حديث ابن عباس: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض. وأخرج أحمد في مسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الإفاضة. قال المنذري: وأخرجه النسائي والإسناد الذي أخرجه أبو داود والنسائي حسن. وأخرجه الترمذي بإسناد ضعيف وقال غريب.