والحاصل أن هذا الترخيص لكم إنما هو بشرط أن تطوفوا طواف الإفاضة بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر قبل أن تدخلوا في مساء ذلك اليوم، وأما إذا فات هذا الشرط بأن أمسيتم يوم النحر قبل أن تطوفوا طواف الإفاضة فليس لكم هذا الترخيص وإن رميتم وذبحتم وحلقتم بل بقيتم محرمين كما كنتم محرمين قبل الرمي. وفقه الحديث أن من أفاض يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة قبل مساء يوم النحر رخص له التحلل عن الإحرام وحل له كل شئ كان حراما " عليه في الإحرام ما خلا النساء، وأن من لم يفض يوم النحر قبل مسائه، بل دخلت ليلة الحادي عشر من ذي الحجة قبل إفاضته لم يرخص له التحليل بل بقي حراما " كما كان ولم يحل له شئ مما كان حراما " عليه في الإحرام كالتقمص ثم وغيره بل بقي حراما كما كان وإن كان رمى وذبح وحلق، وأن من لبس القميص في الإحرام جاهلا " أو ناسيا " وجب عليه أن ينزعه بعد ما علمه أو ذكره، وأنه يجوز له نزعه من قبل رأسه وإن لزم منه تغطية رأسه. وقد وقع حديث يعلى عند أبي داود بلفظ ((اخلع عنك الجبة فخلعها من قبل رأسه)) وأما ما روي عن جابر رضي الله عنه قال ((كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقد شق قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه فنظر القوم إليه فقال إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي)) أخرجه الطحاوي ففيه عبد الرحمن بن عطاء، وهو ضعيف لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا خالفه من هو أثبت منه. وقد تركه مالك وهو جاره والله أعلم.
قال في فتح الودود: ولعل من لا يقول به يحمله على التغليط والتشديد في تأخير الطواف من يوم النحر والتأكيد في إتيانه في يوم النحر، وظاهر الحديث يأبى مثل هذا الحمل جدا والله تعالى أعلم انتهى. قال المنذري: في إسناده محمد بن إسحاق وتقدم الكلام عليه (أخر طواف يوم