نفسه (وهزم الأحزاب) في يوم الخندق (وحده) أي من غير قتال الآدميين ولا سبب لانهزامهم، كما أشار إليه قوله تعالى (وأرسلنا عليهم ريحا " وجنودا " لم تروها) أو المراد كل من تحزب لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه هزمهم، وكان الخندق في شوال سنة أربع من الهجرة وقيل سنة خمس (ثم دعا بين ذلك) أي بين مرات هذا الذكر بما شاء وقال الذكر ثلاث مرات قاله السندي. وقال القاري: إنه دعا بعد فراغ المرة الأولى من الذكر وقبل الشروع في المرة الثالثة (حتى إذا انصبت) أي انحدرت في السعي مجاز من قولهم: صب الماء فانصب (رمل) وفي الموطأ سعى وهو بمعنى رمل (في بطن الوادي) أي المسعى وهو في الأصل مفرج بين جبال أو تلال أو آكام يعني انحدرت قدماه بالسهولة في صيب من الأرض وهو المنحدر المنخفض منها أي حتى بلغتا على وجه السرعة إلى أرض منخفضة كذا في المرقاة، وفيه استحباب السعي الشديد في بطن الوادي حتى يصعد ثم يمشي باقي المسافة إلى المروة على عادة مشيه، وهذا السعي مستحب في كل مرة من المراتب السبع في هذه المواضع والمشي مستحب فيما قبل الوادي وبعده، ولو مشى في الجميع أو سعى في الجميع أجزأه وفاته الفضيلة. هذا مذهب الشافعي وموافقيه.
وعن مالك فيمن تركه السعي الشديد في موضعه روايتان أحدهما كما ذكرنا والثانية تجب عليه إعادته (فصنع على المروة مثل ما صنع على الصفا) من استقبال القبلة والذكر والدعاء والرقي كما صنع على الصفا وهذا متفق عليه (حتى إذا كان آخر الطواف على المروة) فيه دلالة لمذهب الجمهور أن الذهاب من الصفا إلى المروة يحسب مرة والرجوع من المروة إلى الصفا ثانية والرجوع إلى المروة ثالثة وهكذا فيكون ابتداء السبع من الصفا وآخرها بالمروة (قال) النبي صلى الله عليه وسلم وهو جواب إذا (أني لو استقبلت) أي لو علمت في قبل (من أمري ما استدبرت) أي ما علمته في دبر منه. والمعنى لو ظهر لي هذا الرأي الذي رأيته الآن لأمرتكم به في أول أمري وابتداء خروجي (لم أسق الهدي) بضم السين يعني لما جعلت علي هديا " وأشعرته وقلدته وسقته بين يدي فإنه إذا ساق الهدي لا يحل حتى ينحر ولا ينحر إلا يوم النحر فلا يصح له فسخ الحج بعمرة بخلاف من لم يسق إذ يجوز له فسخ الحج إنما قاله تطييبا " لقلوبهم، وليعلموا أن