الأفضل لهم ما دعاهم إليه إذ كان يشق عليهم ترك الافتداء بفعله. وقد يستدل بهذا الحديث من يجعل التمتع أفضل وهذا صريح في أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متمتعا " (ولجعلتها) أي الحجة (عمرة) أي جعلت إحرامي بالحج مصروفا " إلى العمرة كما أمرتكم به موافقة (ليس معه هدي) الهدي بإسكان الدال وكسرها وتشديد الياء مع الكسرة (فليحلل) بسكون الحاء أي ليصر حلالا وليخرج من إحرامه بعد فراغه من أفعال العمرة (وليجعلها) أي الحجة (عمرة) إذ قد أبيح له ما حرم عليه بسبب الإحرام حتى يستأنف الإحرام للحج قاله القاري.
(فقام سراقة من جعشم) هو سراقة بن مالك بن جعشم بضم الجيم وبضم الشين المعجمة وفتحها ذكرهما الجوهري (ألعامنا هذا) أي جواز فسخ الحج إلى العمرة. وهذا هو الظاهر من سياق الحديث أو الإتيان بالعمرة في أشهر الحج أو مع الحج يختص بهذه السنة (أم للأبد) أي من الحال والاستقبال (هكذا) أي كالتشبيك (مرتين) أي قالها مرتين (لا) أي ليس لعامنا هذا فقط (بل لأبد أبد) بإضافة الأول إلى الثاني أي آخر الدهر أو بغير الإضافة وكرره للتأكيد، وفي رواية البخاري في حديث آخر عن جابر ثم قام سراقة بن مالك فقال يا رسول الله أرأيت متعتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد أي مخصوصة به لا تجوز في غيره أم لجميع الأعصار فقال هي للأبد أي لا يختص به بل لجميعها إلى أبد الآباد. وهذا أصرح دليل على فسخ الحج إلى العمرة.
فمعنى قول سراقة ألعامنا هذا عند أحمد بن حنبل وجماعة من المحدثين والظاهرية أهل الفسخ لعامنا هذا وعند الحنفية والشافعية وغيرهما أهل التمتع لعامنا هذا، فعلى الأول معنى قوله صلى الله عليه وسلم دخلت العمرة في الحج أي دخلت نية العمرة في نية الحج بحيث أن من نوى الحج صح الفراغ منه بالعمرة، وعلى الثاني حلت العمرة في أشهر الحج وصحت قالوا والمقصود إبطال ما زعمه أهل الجاهلية من أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج، وقيل معناه جواز القران وتقدير الكلام: دخلت أفعال العمرة في الحج إلى يوم القيامة، قالوا: ويدل عليه تشبيك الأصابع.
قال النووي: واختلف العلماء في هذا الفسخ هل هو خاص للصحابة أم لتلك السنة أم