(ببضعة) بفتح الباء الثانية وهي قطعة من اللحم (فجعلت) أي القطع (في قدر) القدر بالكسر معلوم يؤنث (فأكلا) أي النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه (من لحمها) الضمير يعود إلى القدر ويحتمل أن يعود إلى الهدايا (وشربا من مرقها) أي من مرق القدر أو مرق لحوم الهدايا. وهذا يدل على استحباب الأكل من هدي التطوع، وقيل واجب لقوله تعالى: (فكلوا منها) (ثم أفاض) أي أسرع (إلى البيت) أي بيت الله لطواف الفرض ويسمى طواف الإفاضة والركن.
وأكثر العلماء ومنهم أبو حنيفة لا يجوز الإفاضة بنية غيره خلافا " للشافعي، حيث قال لو نوى غيره كنذر أو وداع وقع عن الإفاضة (فصلى بمكة الظهر) قال النووي: فيه محذوف تقديره فأفاض فطاف بالبيت طواف الإفاضة ثم صلى الظهر، فحذف ذكر الطواف لدلالة الكلام عليه.
وأما قوله فصلى الظهر بمكة فقد ذكر مسلم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر فصلى الظهر بمنى. ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلا " بالظهر الثانية التي بمنى. انتهى قال القاري: أو يقال الروايتان حيث تعارضتا فتترجح صلاته بمكة لكونها أفضل ويؤيده ضيق الوقت لأنه عليه الصلاة والسلام رجع قبيل طلوع الشمس من المشعر ورمى بمنى ونحر مائة من الإبل، وطبخ لحمها وأكل منها ثم ذهب إلى مكة وطاف وسعى فلا شك أنه أدركه الوقت بمكة وما كان يؤخرها عن وقت المختار لغير ضرورة ولا ضرورة هنا والله أعلم.
(بني عبد المطلب) وهم أولاد العباس وجماعته لأن سقاية الحاج كانت وظيفته (يسقون) أي مر عليهم وهم ينزعون الماء من زمزم ويسقون الناس (على زمزم).
قال النووي: معناه يغرفون بالدلاء ويصبونه في الحياض ونحوها فيسبلونه (فقال انزعوا) أي الماء والدلاء (بني عبد المطلب) يعني العباس ومتعلقيه بحذف حرف النداء، دعا لهم بالقوة على النزع والاستقاء أي أن هذا العمل عمل صالح مرغوب فيه لكثرة ثوابه والظاهر أنه أمر استحباب لهم (فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم) أي لولا مخافة كثرة الازدحام عليكم بحيث تؤدي إلى اخراجكم عنه رغبة في النزع قاله القاري.