ركعتي الفجر لم يلزمه أن يضطجع فإن عجز عن الضجعة على اليمين لخوف أو مرض أو غير ذلك أشار إلى ذلك حسب طاقته ثم قال بعيد هذا قال علي قد أوضحنا أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كله على الفرض حتى يأتي نص اخر أو إجماع متيقن على أنه ندب فنقف عنده وإذا تنازع الصحابة رضي الله عنهم فالرد إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم انتهى قلت قد عرفت أن الأمر الوارد في حديث أبي هريرة محمول على الاستحباب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على الاضطجاع فلا يكون واجبا فضلا عن أن يكون شرطا لصحة صلاة الصبح وقد مال العلامة الشوكاني إلى الوجوب حيث قال في اخر بحث الاضطجاع وعلمت بما أسلفنا لك من أن تركه صلى الله عليه وسلم لا يعارض الأمر للأمة الخاص بهم ولاح لك قوة القول بالوجوب والقول الثالث أن هذا الاضطجاع بدعة ومكروه وممن قال به من الصحابة ابن مسعود وابن عمر على اختلاف عنه والقول الرابع أنه خلاف الأولى روى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر والقول الخامس التفرقة بين من يقوم الليل فيستحب له ذلك للاستراحة وبين غيره فلا يشرع له واختاره ابن العربي وقال لا يضطجع بعد ركعتي الفجر لانتظار الصلاة إلا أن يكون قام الليل فيضطجع استجماما لصلاة الصبح فلا بأس ويشهد لهذا ما رواه الطبراني وعبد الرزاق عن عائشة أنها كانت تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم يضطجع لسنة ولكنه كان يدأب ليلة فيستريح وهذا لا تقوم به حجة أما أولا فلان في إسناده روايا لم يسم كما قال الحافظ وأما ثانيا فلأن ذلك منها ظن وتخمين وليس بحجة وقد روت أنه كان يفعله والحجة في فعله وقد ثبت أمره به فتأكدت بذلك مشروعيته وقد أجاب من لم ير مشروعية الاضطجاع عن أحاديث الباب بأجوبة كلها مخدوشة فإن شئت الوقوف عليها وعلى ما فيها من الخدشات فعليك أن تطالع فتح الباري والنيل وغيرهما والقول الراجح المعول عليه هو أن الاضطجاع بعد سنة الفجر مشروع على طريق الاستحباب والله تعالى أعلم
(٣٩٧)