لا في السرية وفي الجهرية وظهر من كلام ابن المبارك هذا أن كل من كان في عهد ابن المبارك من التابعين وأتباعهم كانوا يقرأون خلف الامام غير قوم من أهل الكوفة (وأرى أن من لم يقرأ) أي خلف الامام (صلاته جائزة) فابن المبارك كان يقرأ خلف الامام ولكن لم يكن من القائلين بوجوب القراءة خلف الإمام (وشدد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب وإن كان خلف الامام) فقالوا لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وحده كان أو خلفه الامام قولهم هذا هو القول الراجح المنصور وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم) قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فإن لفظ من في هذا الحديث من ألفاظ العموم فهو شامل للمأموم قطعا كما هو شامل لمأموم والمنفرد وكذلك لفظ صلاة في قوله لا صلاة عام يشمل كل صلاة فرضا كانت أو نف صلاة الامام كانت أو صلاة المنفرد سرية كانت أو جهرية قال الحافظ ابن عبد البر وقال آخرون لا يترك أحد من المأمومين قراءة فاتحة الكتاب فيما جهر بالقراءة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخص بقوله ذلك مصليا من مصلى انتهى وقال الحافظ في الفتح واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم سواء أسر الامام أو جهر لأن صلاته حقيقة فتنتفى عند انتفاء القراءة انتهى (وقرأ عباده بن الصامت بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلف الامام وتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب روى الدارقطني عن زيد بن واقد عن حرام بن حكيم ومكحول عن نافع بن محمود بن الربيع كذا قال أنه سمع عبادة ابن الصامت يقرأ بأم القران وأبو نعيم بجهر بالقراءة فقلت رأيتك صنعت في صلاتك شيئا قال وما ذاك قلت سمعتك بأم القران وأبو نعيم يجهر بالقراءة قال نعم صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فلما انصرف قال منكم من أحد يقرأ شيئا من القران إذا جهرت بالقراءة قلنا نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول ما لي أنازع القران فلا يقرأن أحد منكم شيئا من القران إذا جهرت
(٢٠٢)