أولى بالخلافة من المأمون، وكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده له، وكان الرضا عليه السلام لا يحابى المأمون من حق وكان يجيبه بما يكسره في أكثر أحواله فيغلظه ذلك ويحقده عليه ولا يظهره له، فلما أعيته الحيلة في أمره إغتاله، فقتله بالسم (1).
عنه - رحمه الله - قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال:
حدثنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله، ومحمد بن موسى بن - نصر الرازي، عن أبيه والحسين بن عمر الأخباري، عن علي بن الحسين كاتب بغاء الكبير في آخرين أن الرضا عليه السلام حم فعزم على الفصد.
فركب المأمون وقد كان قال لغلام له: فت هذا بيدك الشئ أخرجه من برنيه ففته في صينية، ثم قال: كن معي ولا تغسل يدك وركب إلى الرضا عليه السلام، فجلس حتى فصد بين يديه، وقال عبيد الله: بل أخر فصده، وقال المأمون لذلك الغلام: هات من ذلك الرمان وكان الرمان في شجرة في بستان دار الرضا عليه السلام فقطف منه.
ثم قال: اجلس ففته منه في جام وأمر بغسله ثم قال الرضا عليه السلام: مص منه شيئا فقال: حتى يخرج أمير المؤمنين، فقال: لا والله إلا بحضرتي، ولولا خوفي أن يرطب معدتي لمصصته معك، فمص منه ملاعق وخرج المأمون، فما صليت العصر حتى قام الرضا عليه السلام خمسين مجلسا.
فوجه إليه المأمون وقال: قد علمت أن هذه آفة وقتار للفصد الذي في يدك، وزاد الأمر في الليل فأصبح عليه السلام ميتا، فكان آخر ما تكلم به: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، وكان أمر الله قدرا مقدورا) وبكر المأمون من الغد، فأمر بتغسيله وتكفينه ومشى خلف جنازته حافيا حاسرا، يقول: يا أخي لقد ثلم الإسلام بموتك وغلب القدر تقديري فيك وشق لحد الرشيد فدفنه معه