كراسي فنصبت لهم.
فلما قعدوا عليها أذن الناس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام إلى الخنصر ويخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام، فتبسم أبو الحسن الرضا عليه السلام ثم قال: كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى، فإنه بايعنا بعقدها.
فقال المأمون: وما فسخ البيعة من عقدها؟ قال أبو الحسن عليه السلام عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام، وفسخها من أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر، قال فماج الناس في ذلك وأمر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن عليه السلام، وقال الناس كيف يستحق الإمامة من لا يعرف عقد البيعة إن من علم لأولى بها ممن لا يعلم، قال فحمله ذلك على ما فعله من سمه (1).
عنه - رحمه الله - قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي - رضي الله عنه - قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري، قال: سألت أبا الصلت الهروي فقلت له كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا عليه السلام مع إكرامه ومحبته له وما جعل له من ولاية العهد بعده؟! فقال: إن المأمون إنما كان يكرمه ويحبه لمعرفته بفضله وجعل له ولاية العهد من بعده، ليرى الناس إنه راغب في الدنيا فيسقط محله من نفوسهم، فلما لم يظهر منه ذلك للناس إلا ما ازداد به فضلا عندهم ومحلا في نفوسهم، جلب عليه المتكلمين من البلدان طعما في أن يقطعه واحد منهم.
فيسقط محله عند العلماء [وبسببهم] يشتهر نقصه عند العامة فكان لا يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والبراهمة والملحدين والدهرية ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين إلا قطعه وألزمه الحجة، وكان الناس يقولون: والله إنه