الله عليه وآله: الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (1) ومن هنا يقبل الإيمان ضعفا وقوة وزيادة ونقصا، ويتصف الانسان في آن واحد بطرفي السلب والايجاب باعتبارين، فيثبت له الإيمان من جهة وينفى عنه بأخرى، ومن هنا يعلم معنى قوله صلى الله عليه وآله:
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن (2) فلا يتأتى صلاح الممكة البدنية إلا بالسلم العام وقيام جميع أجزائها بواجبها، وامتثال كل فرد منها فيما فرض عليه، ولا يكمل الإيمان إلا بتحقيق شعبه.
وكما أن انتفاء الإيمان عن كل عضو وجارحة مكلفة يكشف عن ضعف إيمان القلب، وتضعضع حكومة الاسلام فيه، إذ هو أمير البدن ولا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره، كذلك الصفات النفسية فإن منها ما هو الكاشف عن قوة الإيمان القلبي وضعفه كما ورد في النبوي الشريف فيما أخرجه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 3 ص 171: إن المرء ليكون مؤمنا وإن في خلقه شئ فينقص ذلك من إيمانه. ومنها ما يلازم النفاق ولا يفارقه ولا يجتمع مع شئ من الإيمان وإن صلى صاحبه وصام وبه عرف المنافق في القرآن العزيز. فإليك ما رود عن النبي الأقدس في كثير من الصفات المذكورة المعزوة إلى المترجم له حتى تكون على بصيرة من الأمر، فلا يغرنك تقلب الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد.
1 - آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب. وإذا وعد أخلف. وإذا ائتمن خان.
أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم.
2 - أربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائمتن خان. وإذا حدث كذب. وإذا عهد غدر. وإذا خاصم فجر، أخرجه البخاري. مسلم. أبو داود. الترمذي. النسائي.
3 - لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. أخرجه أحمد. البزار.