____________________
وبيانه: أن الأرواح لما خلقت قبل الأشباح وورد عليها قلم التكليف في عالم الأظلة، وكانوا بين مطيع وعاص، صارت كل روح من الأرواح مستعدة لان تركب مع قالب يناسبها في الاستعداد والطاعة، فدخلت روح المؤمن في طينة من عليين، وروح الكافر في سبخة من سجين. وأنت إذا أحطت علما بما ألقيناه إليك من هذا الكلام يسهل عليك الجواب عن كثير من الشبه والاعتراضات الواردة فيما يناسب هذا المقام.
ولا نقول أن الشيطان لا مدخل له هنا، بل هو الذي حسن له النتيجة الباطلة وزينها عنده، بخلاف ما إذا كانت المقدمات حقا كلها، فإنه لا قدرة للشيطان على أن يخيل له ما يخالف العقل الصريح، وبالجملة فمن تدرب للجهل واستعد له وقلد الأسلاف، فهو ولي الشيطان، يزين له النتائج.
وفيه دلالة على أن معرفة الله تعالى موهبية لا كسبية، والأخبار الواردة بهذا المضمون مستفيضة، وفي معناها الأحاديث الواردة في أن الله تعالى لا يعرف إلا به، كقوله عليه السلام (اعرفوا الله بالله) (1) وكذلك ما روي في الاخبار من قوله صلى الله عليه وآله قدس سره ( (كل مولود يولد على الفطرة) (2) فان مجموع الروايات الواردة في هذه الأبواب ظاهرها أن المعرفة موهبية ومركوزة في الطبائع والأخلاق، ومن عرف نفسه فقد عرف ربه. وإلى هذا ذهب جماعة من المحدثين، فلم يوجبوا كسب المعرفة، بل اكتفوا منها بما فطرهم الله عليه من التوحيد، وجعلوا أول الواجبات الاقرار بالشهادتين، وفي الاخبار دلالة عليه.
نعم تلك الفطرة الإلهية تزيد بتزايد الطاعات والرياضات والترقي في مدارج العلوم والكمالات، وذهب المعظم من علماء الاسلام إلى أن المعرفة نظرية وهي
ولا نقول أن الشيطان لا مدخل له هنا، بل هو الذي حسن له النتيجة الباطلة وزينها عنده، بخلاف ما إذا كانت المقدمات حقا كلها، فإنه لا قدرة للشيطان على أن يخيل له ما يخالف العقل الصريح، وبالجملة فمن تدرب للجهل واستعد له وقلد الأسلاف، فهو ولي الشيطان، يزين له النتائج.
وفيه دلالة على أن معرفة الله تعالى موهبية لا كسبية، والأخبار الواردة بهذا المضمون مستفيضة، وفي معناها الأحاديث الواردة في أن الله تعالى لا يعرف إلا به، كقوله عليه السلام (اعرفوا الله بالله) (1) وكذلك ما روي في الاخبار من قوله صلى الله عليه وآله قدس سره ( (كل مولود يولد على الفطرة) (2) فان مجموع الروايات الواردة في هذه الأبواب ظاهرها أن المعرفة موهبية ومركوزة في الطبائع والأخلاق، ومن عرف نفسه فقد عرف ربه. وإلى هذا ذهب جماعة من المحدثين، فلم يوجبوا كسب المعرفة، بل اكتفوا منها بما فطرهم الله عليه من التوحيد، وجعلوا أول الواجبات الاقرار بالشهادتين، وفي الاخبار دلالة عليه.
نعم تلك الفطرة الإلهية تزيد بتزايد الطاعات والرياضات والترقي في مدارج العلوم والكمالات، وذهب المعظم من علماء الاسلام إلى أن المعرفة نظرية وهي