نعم بعض أهل الحرف والصناعات لما كان ابتداء عملهم من طلوع الشمس قد يطلقون اليوم عليه، وبعض أهل اللغة لما رأوا هذا الاصطلاح ذكروه في كتب اللغة، ويحتمل أن يكون كلاهما بحسب اللغة حقيقة، وكذا المنجمون قد يطلقون اليوم على ما بين الطلوع إلى الغروب، وعلى ما بين الطلوع إلى الطلوع وعلى ما بين الغروب إلى الغروب، وعلى ما بين الزوال إلى الزوال، وكذا النهار على المعنى الأول، والليل على ما بين غروب الشمس إلى طلوعها.
لكن لا ينبغي أن يستريب عارف بقواعد الشريعة وإطلاقاتها في أنه لا يتبادر فيها مع عدم القرينة من النهار إلا ما هو مبتدأ من طلوع الفجر، وكذا اليوم بأحد المعنيين، وقد يطلق اليوم على مجموع الليل والنهار، ولا يتبادر من الليل إلا ما هو مختتم بالفجر، وأما انتهاء النهار واليوم وابتداء الليل فهو إما غيبوبة القرص أو ذهاب الحمرة المشرقية كما عرفت.
ولنذكر بعض كلمات أهل اللغة والمفسرين والفقهاء من الخاصة والعامة ثم لنشر إلى بعض الآيات والأخبار الدالة على هذا المطلب، لإراءة الطالبين للحق سبيل التحقيق، فان استيفاء جميع الدلائل والبراهين، والتعرض لما استدل به بعض أفاضل المعاصرين لا يناسب هذا الكتاب، وفي بالي إن ساعدني التوفيق أن أفرد لذلك رسالة تتضمن أكثر ما يتق بهذا المرام، والله الموفق والمعين.
فأما كلمات القوم فقال الشيخ الطبرسي - رحمه الله - في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: ﴿وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة﴾ (١) الليلة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني واليوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، ولم يذكر لهما معنى آخر (٢).
وقال - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى. ﴿وسخر لكم الليل والنهار﴾ (3)