و (لو) يدل على انتفاء الشئ لانتفاء غيره، فيدل ههنا على انتفاء التأخير لانتفاء نفي المشقة، ونفي النفي إثبات، فيكون التأخير منتفيا لثبوت المشقة، والمشقة هيهنا ليست بثابتة، فلابد من مقدر أي لولا خوف المشقة أو توقعها بسبب هذا الفعل لفعلت، والخبر يدل على استحباب تأخير العشاء عن أول وقت الفضيلة، وهو مناف لما مر من الأخبار الدالة على كون أول الوقت أفضل، فيمكن تخصيصها به كما خصص بغيره مما مر.
ويمكن حمله على التقية لاشتهاره بين العامة كما رواه أحمد والترمذي وابن ماجة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لولا أن أشق على أمتي لامرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه: وقال محيي السنة من فقهائهم: اختار أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم تأخير العشاء، وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى تعجيلها، لكن رووا التعجيل عن عمر كما ورد في أخبارنا معارضته النبي صلى الله عليه وآله في ذلك.
وقال في الذكرى بعد إيراد بعض الأخبار الدالة على استحباب التأخير:
وظاهر الأصحاب عدم هذا الاستحباب، لمعارضة أخبار أفضلية أول الوقت صرح به في المبسوط وقال المرتضى - لما قال الناصر أفضل الأوقات أولها في الصلوات كلها: هذا صحيح وهو مذهب أصحابنا، والدليل على صحته بعد الاجماع ما رواه ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله وسأله عن أفضل الأعمال، فقال: الصلاة في أول وقتها، ومثله رواية أم فروة عن النبي صلى الله عليه وآله ولان في تقديمها احتياطا للفرض وفي التأخير تغريرا به، لجواز المانع وحينئذ نقول: ما اختاره النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاز أن يكون لعذر أو لبيان الجواز.
28 - العلل: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري، عن أحمد بن محمد، عن علي بن أحمد، عن بعض أصحابنا رفعه قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق، وتدري كيف ذلك؟ قلت: لا، قال: لان المشرق مطل على المغرب، هكذا، ورفع