الطريق، ولبوته خلفه، وأشبال لبوته خلفها، فكبحت دابتي لأتأخر، فقال: أقدم يا جويرية، فإنما هو كلب الله، وما من دابة إلا الله آخذ بناصيتها لا يكفي شرها إلا هو، وإذا أنا بالأسد قد أقبل نحوه يبصبص له بذنبه، فدنا منه فجعل يمسح قدمه بوجهه، ثم أنطقه الله عز وجل فنطق بلسان طلق ذلق، فقال: السلام عليك يا أمير - المؤمنين، ووصي خاتم النبيين، قال: وعليك السلام يا حيدرة، ما تسبيحك؟ قال أقول: سبحان ربي، سبحان إلهي سبحان من أوقع المهابة والمخافة في قلوب عباده مني، سبحانه سبحانه.
فمضى أمير المؤمنين عليه السلام وأنا معه واستمرت بنا السبخة ووافت العصر فأهوى فوتها ثم قلت في نفسي مستخفيا: ويلك يا جويرية أأنت أظن أم أحرص من أمير المؤمنين عليه السلام وقد رأيت من أمر الأسد ما رأيت فمضى وأنا معه حتى قطع السبخة، فثنى رجله ونزل عن دابته وتوجه فأذن مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى، ثم همس بشفتيه وأشار بيده فإذا الشمس قد طلعت في موضعها من وقت العصر، وإذا لها صرير عند سيرها في السماء، فصلى بنا العصر، فلما انفتل رفعت رأسي فإذا الشمس بحالها فما كان إلا كلمح البصر فإذا النجوم قد طلعت فأذن وأقام وصلى المغرب.
ثم ركب وأقبل علي فقال: يا جويرية أقلت هذا ساحر مفتر؟ وقلت ما رأيت طلوع الشمس وغروبها أفسحر هذا أم زاغ بصري؟ سأصرف ما ألقى الشيطان في قلبك ما رأيت من أمر الأسد وما سمعت من منطقه، ألم تعلم أن الله عز وجل يقول: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ (1) يا جويرية إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يوحى إليه، وكان رأسه في حجري، فغربت الشمس، ولم أكن صليت العصر، فقال لي: صليت العصر؟
قلت: لا، قال: اللهم إن عليا في طاعتك وحاجة نبيك، ودعا بالاسم الأعظم، فردت إلي الشمس، فصليت مطمئنا ثم غربت بعد ما طلعت، فعلمني بأبي هو وأمي ذلك الاسم الذي دعا به، فدعوت الان به.
يا جويرية إن الحق أوضح في قلوب المؤمنين من قذف الشيطان، فاني قد