(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
واعلم أن بعض الأصحاب جعل ما تضمنه هذا الحديث من قول زرارة (فاني رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة) وقوله عليه السلام في جوابه: (تنقض الصلاة) دالا على أن من علم النجاسة في ثوبه ثم نسيها ورآها في أثناء الصلاة فإنه يقطع الصلاة، وهو مبني على أن هذا القول من زرارة مندرج تحت قوله في أول الحديث أصاب ثوبي دم من الرعاف أو غيره إلى قوله (ونسيت أن بثوبي شيئا) وأن قوله عليه السلام: (تنقض الصلاة) منقطع عن قوله (وتعيد إذا شككت) إلى آخره.
وهو كما ترى، فان الظاهر أن هذا القول من زرارة غير مندرج تحت كلامه ذلك، ولا منخرط في سلكه، وأن قوله عليه السلام (تنقض الصلاة) غير منقطع عن قوله (وتعيد إذا شككت) بل هو مرتبط به.
وظني أن هذا القول من زرارة إن جعل مرتبطا بما قبل فليجعل مرتبطا بقوله (فهل على إن شككت) فكأنه قال: إذا شككت قبل الصلاة في إصابته ثوبي ثم رأيته فيه وأنا في الصلاة فما الحكم؟ فأجابه عليه السلام بأنه إذا سبق شكك في موضع من الثوب أنه أصابه نجاسة ثم رأيتها وأنت في الصلاة فانقض الصلاة وأعدها، وإن لم يكن سبق منك شك في إصابة النجاسة وكنت خالي الذهن من ذلك، ثم رأيته على وجه يحتمل تجدده في ذلك الوقت، قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت ولعل بعض الشقوق الاخر المحتملة كان زرارة عالما بها، فلذلك سكت عليه السلام عن التعرض لها انتهى.
وقال الشهيد طاب ثراه في الذكرى: ولو قيل لا إعادة على من اجتهد قبل الصلاة، ويعيد غيره، أمكن لما رواه محمد بن مسلم (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
ذكر المنى فشدده وجعله أشد من البول ثم قال: إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة، فان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت