وفي قوله تعالى: " لهم دار السلام " أي للذين تذكروا وتدبروا وعرفوا الحق وتبعوه دار السلامة الدائمة الخالصة من كل آفة وبلية مما يلقاه أهل النار، وقيل:
إن السلام هو الله تعالى، وداره الجنة " عند ربهم " أي هي مضمونة لهم عند ربهم يوصلهم إليها لا محالة، كما يقول الرجل لغيره: لك عندي هذا المال، أي في ضماني.
وقيل: معناه: لهم دار السلام في الآخرة يعطيهم إياها " وهو وليهم " يعني الله يتولى إيصال المنافع إليهم ودفع المضار عنهم، وقيل: " وليهم ": ناصرهم على أعدائهم، وقيل:
يتولاهم في الدنيا بالتوفيق، وفي الآخرة بالجزاء " بما كانوا يعملون " أي جزاء بما كانوا يعملونه من الطاعات.
وفي قوله تعالى: " لهم فيها نعيم مقيم " أي دائم لا يزول ولا ينقطع " خالدين فيها أبدا " أي دائمين فيها مع كون النعيم مقيما لهم " إن الله عنده أجر " أي جزاء على العمل " عظيم " أي كثير مضاعف لا تبلغه نعمة غيره من الخلق.
وفي قوله سبحانه: " ومساكن طيبة " يطيب العيش فيها، بناها الله تعالى من اللآلي والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر لا أذى فيها ولا وصب ولا نصب (1) عن الحسن " في جنات عدن " أي في جنات إقامة وخلد وهي بطنان الجنة أي وسطها عن ابن مسعود. وقيل: هي مدينة في الجنة فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى والناس حولهم والجنان حولها، عن الضحاك. وقيل: إن عدن أعلى درجة في الجنة وفيها عين التسنيم والجنان حولها محدقة بها وهي مغطاة من يوم خلقها الله حتى ينزلها أهلها: الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون ومن شاء الله، وفيها قصور الدر واليواقيت والذهب، تهب ريح طيبة من تحت العرش فيدخل عليهم كثبان (2) المسك الأبيض، عن مقاتل والكلبي. وروي أنه صلى الله عليه وآله قال: " عدن دار الله التي لم ترها عين ولا يخطر على قلب بشر ولا يسكنها غير ثلاثة: النبيين، والصديقين، والشهداء