مقدار منتهى ظل ذلك الغصن فأعطوه من جميع الجوانب مثل مساحته قصورا ودورا وخيرات، فأعطوا ذلك، فمنهم من أعطي مسيرة ألف سنة من كل جانب، ومنهم من أعطي ضعفه، ومنهم من أعطي ثلاثة أضعافه، أو أربعة أضعافه، أو أكثر من ذلك على قدر قوة إيمانهم وجلالة أعمالهم، ولقد رأيت صاحبكم زيد بن حارثة أعطي ألف ضعف ما أعطي جميعهم على قدر فضله عليهم في قوة الايمان وجلالة الاعمال، فلذلك ضحكت واستبشرت، ولقد رأيت تلك الأغصان من شجرة الزقوم عادت إلى النار فنادى منادي ربنا خزانها: انظروا كل من تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم في هذا اليوم فانظروا إلى منتهى مبلغ حر ذلك الغصن وظلمته فابنوا له مقاعد من النار من جميع الجوانب مثل مساحته قصور نيران وبقاع نيران وحيات وعقارب وسلاسل وأغلال و قيود وأنكال يعذب بها، فمنهم من أعد له فيها مسيرة سنة، أو سنتين، أو مائة سنة، أو أكثر على قدر ضعف إيمانهم وسوء أعمالهم، ولقد رأيت لبعض المنافقين ألف صعف ما أعطي جميعهم على قدر زيادة كفره وشره فلذلك قطبت وعبست.
ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أقطار الأرض وأكنافها فجعل يتعجب تارة، و ينزعج تارة، ثم أقبل على أصحابه فقال: طوبى للمطيعين كيف يكرمهم الله بملائكته، والويل للفاسقين كيف يخذلهم الله ويكلهم إلى شياطينهم، والذي بعثني بالحق نبيا إني لأرى المتعلقين بأغصان شجرة طوبى كيف قصدتهم الشياطين ليغووهم، فحملت عليهم الملائكة يقتلونهم ويثخنونهم ويطردونهم عنهم، وناداهم منادي ربنا: يا ملائكتي ألا فانظروا كل ملك في الأرض إلى منتهى مبلغ نسيم هذا الغصن الذي تعلق به متعلق فقاتلوا الشياطين عن ذلك المؤمن وأخروهم عنه، وإني لأرى بعضهم وقد جاءه من الاملاك من ينصره على الشياطين ويدفع عنه المردة - وساق الحديث إلى أن بين فضل شهر رمضان، وحال من رعى حرمته ومن لم يرعها، وما يقال لهذين الصنفين يوم القيامة إلى أن قال -: فهم في الجنة خالدون لا يشيبون فيها ولا يهرمون، ولا يتحولون عنها ولا يخرجون، ولا يقلقون فيها ولا يغتمون، فهم فيها سارون مبتهجون آمنون مطمئنون، ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وأنتم في النار خالدون تعذبون