لهم ربهم: إني وضعت عنكم مؤونة العبادة، وأرحت عليكم أبدانكم، وطال ما أنصبتم لي الأبدان، وعنتم الوجوه، فالآن أفضيتم إلى روحي ورحمتي فاسألوني ما شئتم و تمنوا علي أعطكم أمانيكم، فإني لن أجزيكم اليوم بأعمالكم ولكن برحمتي وكرامتي وطولي وارتفاع مكاني وعظم شأني، ولحبكم أهل بيت نبيي، فلا يزال يرفع أقدار محبي (1) علي بن أبي طالب عليه السلام في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى في أمنيته مثل جميع الدنيا منذ يوم خلقها الله إلى يوم أفناها، فيقول لهم ربهم: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فانظروا إلى مواهب ربكم، فإذا بقباب و قصور في أعلى عليين من الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر والأبيض، فلولا أنها مسخرة إذا للمعت (2) الابصار منها، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقري الأحمر يزهر نورها، وما كان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر، وما كان منها من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير الأبيض، وما كان منها من الياقوت الأصفر فهو مفروش بالرياش الأصفر مبثوثة بالزمرد الأخضر (3) والفضة البيضاء والذهب الأحمر، قواعدها وأركانها من الجوهر، يثور من أبوابها و أعراصها نور (4) مثل شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضئ، وإذا على باب كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان وفيهما من كل فاكهة زوجان، فلما أن أرادوا أن ينصرفوا إلى منازلهم ركبوا على براذين من نور بأيدي ولدان مخلدين، بيد كل واحد منهم حكمة برذون من تلك البراذين لجمها وأعنتها من الفضة البيضاء، وأثفارها من الجوهر، فلما دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنؤونهم بكرامة ربهم حتى إذا استقروا قرارهم قيل لهم: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا: نعم ربنا رضينا فارض عنا، قال: برضاي عنكم وبحبكم
(١٥٣)